للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................................

ــ

الثاني أن يدخلها غير مريد للنسك وإنما يدخلها لحجة تتكرر كالحاطبين وأصحاب الفواكه فهؤلاء لا يجوز لهم دخولها غير محرمين لأن الضرورة كانت تلحقهم بالإحرام متى احتاجوا إلى دخولها لتكرر ذلك. والضرب الثالث أن يدخلها لحاجته وهي مما لا تتكرر فهذا لا يجوز له أن يدخلها إلا محرمًا لأنه لا ضرر عليه في إحرامه، وإن دخلها غير محرم فهل عليه دم أو لا الظاهر من المذهب أنه لا شيء عليه وقد أساء - انتهى. وقال ابن قدامة: من جاوز الميقات مريدًا للنسك غير محرم فعليه أن يرجع إليه ليحرم منه إن أمكنه سواء تجاوزه عالمًا به أو جاهلاً، علم تحريم ذلك أو جهله، فإن رجع إليه فأحرم منه فلا شيء عليه لا نعلم في ذلك خلافًا، وإن أحرم من دون الميقات فعليه دم سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع، وبهذا قال مالك وابن المبارك. قال: وأما المجاوز للميقات ممن لا يريد النسك فعلى قسمين أحدهما: لا يريد دخول الحرم بل يريد حاجة فيما سواه فهذا لا يلزمه الإحرام بغير خلاف ولا شيء عليه في ترك الإحرام، وقد أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بدرًا مرتين وكانوا يسافرون للجهاد وغيره فيمرون بذي الحليفة فلا يحرمون ولا يرون بذلك بأسًا ثم متى بدا لهذا الإحرام وتجدد له العزم عليه أحرم من موضعه ولا شيء عليه، هذا ظاهر كلام الخرقي، وبه يقول مالك والثوري والشافعي وصاحبا أبي حنيفة، وحكى ابن المنذر عن أحمد في الرجل يخرج لحاجة وهو لا يريد الحج فجاوز ذا الحليفة ثم أراد الحج يرجع إلى ذي الحليفة فيحرم، وبه قال أبو إسحاق والأول أصح. القسم الثاني من يريد دخول الحرم إما إلى مكة أو غيرها فهم على ثلاثة أضرب أحدها من يدخلها لقتال مباح أو من خوف أو لحاجة متكررة كالحطاب والحشاش وناقل الميرة والفيح ومن كانت له ضيعة يتكرر دخوله وخروجه إليها فهؤلاء لا إحرام عليهم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل يوم الفتح مكة حلالاً وعلى رأسه المغفر وكذلك أصحابه ولم نعلم أحدًا منهم أحرم يومئذٍ ولو أوجبنا الإحرام على كل من يتكرر دخوله أفضى إلى أن يكون جميع زمانه محرمًا فسقط للحرج وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: لا يجوز لأحد دخول الحرم بغير إحرام إلا من كان دون الميقات، ولنا ما ذكرناه، وقد روى الترمذي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل يوم الفتح مكة وعلى رأسه عمامة سوداء وقال: هذا حديث حسن صحيح. ومتى أراد هذا النسك بعد مجاوزة الميقات أحرم من موضعه كالقسم الذي قبله، وفيه من الخلاف ما فيه. النوع الثاني: من لا يكلف الحج كالعبد والصبي والكافر إذا أسلم بعد مجاوزة الميقات أو عتق العبد وبلغ الصبي وأرادوا الإحرام فإنهم يحرمون من موضعهم ولا دم عليهم وبهذا قال عطاء ومالك والثوري والأوزاعي وإسحاق وهو قول أصحاب الرأي في الكافر يسلم والصبي يبلغ، وقالوا في العبد: عليه دم. وقال الشافعي في جميعهم: على كل واحد منهم دم، وعن أحمد في الكافر يسلم كقوله، ويتخرج في الصبي والعبد كذلك قياسًا على الكافر يسلم. النوع الثالث: المكلف الذي يدخل لغير قتال ولا حاجة متكررة فلا يجوز له تجاوز الميقات غير محرم. وبه قال أبو حنيفة وبعض أصحاب الشافعي، وقال بعضهم: لا يجب الإحرام عليه، وعن أحمد ما يدل على ذلك، وقد روي عن ابن عمر أنه دخلها بغير إحرام، ولأنه أحد

<<  <  ج: ص:  >  >>