للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

من أهله وكذاك وكذاك، حتى أهل مكة يهلون منها.

ــ

يقوله بفتح الميم من لا يعرف. وقال أبو البقاء العكبري: هو مصدر بمعني الإهلال كالُمدْخل والمخرج بمعنى الإدخال والإخراج. قال البدر الدماميني: جعله هنا مصدرًا يحتاج إلى حذف أو تأويل ولا داعي إليه (من أهله) أي من محل أهله. قال القاري: أي من بيته ولو كان قريبًا من المواقيت ولا يلزمه الذهاب إليها. وفي رواية للشيخين ((ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ)) قال العيني: الفاء جواب الشرط، أي فمهله من حيث قصد الذهاب إلى مكة يعني يهل من ذلك الموضع. وقال الحافظ: أي فميقاته من حيث أنشأ الإحرام إذا سافر من مكانه إلى مكة، وهذا متفق عليه إلا ما روي عن مجاهد أنه قال: ميقات هؤلاء نفس مكة. قال ابن عبد البر: أنه قول شاذ، وقال السندي: أي يهل حيث ينشئ السفر من ((أنشأ)) إذا أحدث، يفيد أنه ليس لمن كان داخل الميقات أن يؤخر الإحرام عن أهله - انتهى. قال الحافظ: ويؤخذ من الحديث أن من سافر غير قاصد للنسك فجاوز الميقات ثم بدا له بعد ذلك أنه يحرم من حيث تجدد له القصد، ولا يجب عليه الرجوع إلى الميقات لقوله ((فمن حيث أنشأ)) قال القاري: ولم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم أهل المواقيت نفسها، والجمهور على أن حكمها حكم داخل المواقيت خلافًا للطحاوي حيث جعل حكمها حكم الآفاق (وكذاك وكذاك) بإسقاط اللام فيهما وهي رواية أبي ذر للبخاري وعند غيره ((وكذاك)) أي مرة، يعني وكذا من كان أقرب من هذا الأقرب، وكأنه منزل منزلة قولك وهكذا، أي الأقرب فالأقرب. وقال القاري: أي الأدون فالأدون إلى آخر الحل (حتى أهل مكة) وغيرهم ممن هو بها (يهلون) أي يحرمون (منها) أي من مكة، ولفظ أهل بالرفع على أن حتى ابتدائية، وقوله ((أهل مكة)) مبتدأ وخبره ((يهلون منها)) والجملة لا محل لها من الإعراب. وذكر الكرماني أنه روي فيه الجر أيضًا. وفي رواية ((حتى أهل مكة من مكة)) قال العيني: يجوز في لفظ ((أهل)) الجر لأن ((حتى)) تكون حرفًا جارًا بمنزلة إلى، ويجوز فيه الرفع على أنه مبتدأ وخبره محذوف تقديره ((حتى أهل مكة يهلون من مكة)) كما في قولك جاء القوم حتى المشاة، أي حتى المشاة جاءوا. قال الحافظ: قوله ((أهل مكة من مكة)) ، أي لا يحتاجون إلى الخروج إلى الميقات للإحرام منه بل يحرمون من مكة كالآفاقي الذي بين الميقات ومكة فإنه يحرم من مكانه ولا يحتاج إلى الرجوع إلى الميقات ليحرم منه، وهذا خاص بالحج، وأما المعتمر فيجب عليه أن يخرج إلى أدنى الحل يعني لقضية عائشة رضي الله عنها حين أرسلها النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أخيها عبد الرحمن إلى التنعيم لتحرم منه، وكذا قال غيره من أصحاب المذاهب الأربعة كالعيني والولي العراقي والمحب الطبري والقسطلاني وابن قدامة والشيخ محمد عابد السندي وغيرهم وادعوا الإجماع على ذلك قلت: حديث ابن عباس هذا نص في أن هذه المواقيت للحج والعمرة جميعًا لا للحج فقط فيلزم أن تكون مكة ميقاتًا لأهلها للحج والعمرة كليهما لا للحج فقط خلافًا للجمهور، ولهذا بوب البخاري عليه بقوله ((باب مهل أهل مكة للحج والعمرة)) ففيه إشعار بأن مكة عنده ميقات لأهلها للعمرة أيضًا قال الأمير اليماني: أعلم أن قوله ((حتى أهل مكة من مكة)) يدل على أن

<<  <  ج: ص:  >  >>