على الصحيح، وقيل: مكة وسائر الحرم - انتهى. قال الحافظ: والثاني مذهب الحنفية. واختلف في الأفضل فاتفق المذهبان على أنه من باب المنزل، وفي قول للشافعي من المسجد، وحجة الصحيح ما في حديث ابن عباس ((حتى أهل مكة يهلون منها)) وقال مالك وأحمد وإسحاق: يهل من جوف مكة ولا يخرج إلى الحل إلا محرمًا - انتهى. وقال ابن قدامة (ج٣ ص٢٦١) : من أي الحرم أحرم المكي بالحج جاز لأن المقصود من الإحرام به الجمع في النسك بين الحل والحرم، وهذا يحصل بالإحرام من أي موضع كان فجاز كما يجوز أن يحرم بالعمرة من أي موضع كان من الحل، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه في حجة الوداع: إذا أردتم أن تنطلقوا إلى منى فأهلوا من البطحاء. ولأن ما اعتبر فيه الحرم استوت فيه البلدة وغيرها كالنحر تنبيه ثالث: اختلف العلماء في تقديم الإحرام على الميقات، قال العيني في شرح البخاري: قال ابن حزم: لا يحل لأحد أن يحرم بالحج أو العمرة قبل المواقيت، فإن أحرم أحد قبلها وهو يمر عليها فلا إحرام له ولا حج ولا عمرة له إلا أن ينوي إذا صار في الميقات تجديد الإحرام فذاك جائز وإحرامه حينئذ تام. وقال في شرح الهداية: تقديم الإحرام على هذه المواقيت جائز بالإجماع. وقال داود الظاهري: إذا أحرم قبل هذه المواقيت لا حج له ولا عمرة. قلت: وكذا نقل الإجماع في ذلك الخطابي والنووي وغيرهما. قال الحافظ: وفيه نظر، فقد نقل عن إسحاق وداود وغيرهما عدم الجواز، وهو ظاهر جواب ابن عمر، يشير إلى ما رواه البخاري في باب فرض مواقيت الحج والعمرة من طريق زيد بن جبير أنه أتى عبد الله بن عمر في منزله فسألته (فيه التفات) ، من أين يجوز أن أعتمر؟ قال: فرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل نجد من قرن، الحديث. قال الحافظ: ويؤيده القياس على الميقات الزماني فإنهم أجمعوا على أنه لا يجوز التقديم عليه، وفرق الجمهور بين الزماني والمكاني فلم يجيزوا التقدم على الزماني وأجازوا في المكاني. وذهب طائفة كالحنفية وبعض الشافعية إلى ترجيح التقديم، وقال مالك يكره. قال الحافظ: وظاهر نص البخاري، أي تبويبه المذكور أنه لا يجيز الإحرام بالحج والعمرة من قبل الميقات، ويزيد ذلك وضوحًا ما سيأتي بعد قليل حيث قال: باب ميقات أهل المدينة ولا يهلون قبل ذي الحليفة. قال الحافظ: استنبط البخاري من إيراد الخبر أي حديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، إلخ بصيغة الخبر مع إرادة الأمر تعين ذلك، وأيضًا فلم ينقل عن أحد ممن حج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أحرم قبل ذي الحليفة، ولولا تعين الميقات لبادروا إليه لأنه يكون أشق فيكون أكثر أجرًا - انتهى. وقال العيني: هذه العبارة أي عبارة الترجمة تشير إلى أن البخاري ممن لا يرى تقديم الإهلال قبل المواقيت، وقال العيني أيضًا: اختلفوا أي القائلون بجواز التقديم هل الأفضل التزام الحج من المواقيت أو من منزله فقال مالك وأحمد وإسحاق: إحرامه من المواقيت أفضل. وقال الثوري، وأبو حنيفة والشافعي وآخرون: الإحرام من المواقيت رخصة، واعتمدوا في ذلك على فعل الصحابة فإنهم أحرموا من قبل المواقيت قالوا: وهم أعرف بالسنة وهم فقهاء الصحابة، أي وشهدوا إحرام