للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................................

ــ

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلموا أن إحرامه - صلى الله عليه وسلم - من الميقات كان تيسيرًا على أصحابة ورخصة لهم، وابن عمر كان أشد الناس إتباعًا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأصول أهل الظاهر تقتضي أنه لا يجوز الإحرام إلا من الميقات، إلا أن يصح إجماع على خلافه، وقال أبو عمر: كره مالك أن يحرم أحد قبل الميقات، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أنكر على عمران بن حصين إحرامه من البصرة، وأنكر عثمان على عبد الله بن عامر إحرامه قبل الميقات، وفي تعليق البخاري: ((كره عثمان أن يحرم من خراسان وكرمان، وكره الحسن وعطاء بن أبي رباح الإحرام من الموضع البعيد)) وقال ابن بزيزة: في هذا ثلاثة أقوال، منهم من جوزه مطلقًا، ومنهم من كرهه مطلقًا، ومنهم من أجازه في البعيد دون القريب. قلت: وتقدم آنفًا من قال بالكراهة من البعيد فهو قول رابع في المسألة، والقول الثالث: رواية للمالكية. قال الباجي: في أثر ابن عمر أنه أهل من إيلياء تقديم الإحرام قبل الميقات، وقد روى ابن المواز عن مالك جواز ذلك وكراهيته فيما قرب من الميقات، وروى العراقيون كراهيته على الإطلاق وإذا قلنا برواية ابن المواز فالفرق بين القريب والبعيد أن من أحرم بقرب الميقات فإنه لا يقصد إلا مخالفة التوقيت لأنه لم يستدم إحرامًا، وأما من أحرم على البعد منه فإن له غرضًا في استدامة الإحرام كما قلنا أن من كان في شعبان لم يجز له أن يتقدم صيام رمضان بصيام يوم أو يومين، ومن استدام الصوم من أول شعبان جاز له استدامة ذلك حتى يصله برمضان - انتهى. وقال الأبي: إن أحرم قبلها بيسير كره، وإن أحرم قبلها بكثير فظاهر المدونة الكراهة، وظاهر المختصر الجواز. ونقل اللخمي قولاً بعدم كراهة القريب - انتهى. وقال الولي العراقي في طرح التثريب (ج٥: ص٥) : قد بينا أن معنى التوقيت بهذه المواقيت منع مجاوزتها بلا إحرام إذا كان مريدًا للنسك، أما الإحرام قبل الوصول إليها فلا مانع منه عند الجمهور. ونقل غير واحد الإجماع عليه، بل ذهب طائفة من العلماء إلى ترجيح الإحرام من دويرة أهله على التأخير إلى الميقات وهو أحد قولي الشافعي ورجحه من أصحابه القاضي أبو الطيب والروياني، والغزالي، والرافعي، وهو مذهب أبي حنفية، وروي عن عمر وعلي أنهما قالا في قوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} (٢: ١٩٦) إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك. وقال ابن المنذر: ثبت أن ابن عمر أهل من إيلياء يعني بيت المقدس، وكان الأسود، وعلقمة، وعبد الرحمن، وأبو إسحاق يحرمون من بيوتهم انتهى. لكن الأصح عند النووي من قولي الشافعي أن الإحرام من الميقات أفضل. ونقل تصحيحه عن الأكثرين والمحققين، وبه قال أحمد، وإسحاق، وحكى ابن المنذر فعله عن عوام أهل العلم بل زاد مالك عن ذلك فكره تقدم الإحرام على الميقات. قال ابن المنذر: وروينا عن عمر أنه أنكر على عمران بن حصين إحرامه من البصرة وكره الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، ومالك الإحرام من المكان البعيد - انتهى. وعن أبي حنيفة رواية أنه إن كان يملك نفسه عن الوقوع في محظور فالإحرام من دويرة أهله أفضل وإلا فمن الميقات. وبه قال بعض الشافعية - انتهى. وقال العيني: وقال الشافعي، وأبو حنفية: الإحرام من قبل هذه المواقيت أفضل لمن قوي على ذلك. وقد صح أن علي بن أبي طالب

<<  <  ج: ص:  >  >>