وابن مسعود، وعمران بن حصين، وابن عباس، وابن عمر: أحرموا من المواضع البعيدة وعند ابن أبي شيبة أن عثمان بن العاص أحرم من المنجشانية وهي قرية من البصرة. وعن ابن سيرين أنه أحرم هو وحميد بن عبد الرحمن، ومسلم بن يسار من الدارات، وأحرم أبو مسعود من السيلحين. وقال أبو داود: يرحم الله وكيعًا أحرم من بيت المقدس، وأحرم ابن سيرين مع أنس من العقيق، ومعاذ من الشام ومعه كعب الحبر. وقال الأمير اليماني (ج٢: ص١٨٩) : قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من أحرم قبل الميقات أنه محرم، وهل يكره؟ قيل: نعم، لأن قول الصحابة: وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ذا الحليفة. يقتضي بالإهلال من هذه المواقيت ويقضي بنفي النقص والزيادة، فإن لم تكن الزيادة محرمة فلا أقل من أن تكون تركها أفضل، ولولا ما قيل من الإجماع بجواز ذلك لقلنا بتحريمه لأدلة التوقيت، ولأن الزيادة على المقدرات من المشروعات كإعداد الصلاة ورمي الجمار لا تشرع كالنقص منها وإنما لم نجزم بتحريم ذلك لما ذكرنا من الإجماع، ولأنه روى عن عدة من الصحابة تقديم الإحرام على الميقات، فأحرم ابن عمر من بيت المقدس، وأحرم أنس من العقيق، وأحرم ابن عباس من الشام، وأهل عمران بن حصين من البصرة وأهل ابن مسعود من القادسية. وورد في تفسير الآية أن الحج والعمرة تمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك عن علي وابن مسعود وإن كان قد تؤول بأن مرادهما أن ينشأ لهما سفرًا مفردًا من بلده كما أنشأ - صلى الله عليه وسلم - لعمرة الحديبية والقضاء سفرًا من بلده ويدل لهذا التأويل أن عليًا لم يفعل ذلك ولا أحد من الخلفاء الراشدين ولم يحرموا بحج ولا عمرة إلا من الميقات بل لم يفعله - صلى الله عليه وسلم - فكيف يكون ذلك تمام الحج ولم يفعله - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد من الخلفاء ولا جماهير الصحابة نعم الإحرام من بيت المقدس بخصوصه ورد فيه حديث أم سلمة سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من أهل من المسجد الأقصى بعمرة أو بحجة غفر له ما تقدم من ذنبه. رواه أحمد، وفي لفظ:((من أحرم من بيت المقدس غفر له ما تقدم من ذنبه)) ورواه أبو داود ولفظه: ((من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر أو وجبت له الجنة)) شك من الراوي، ورواه ابن ماجة بلفظ:((من أهل بعمرة من بيت المقدس كانت كفارة لما قبلها من الذنوب)) فيكون هذا مخصوصًا ببيت المقدس فيكون الإحرام منه خاصة أفضل من الإحرام من المواقيت، ويدل له إحرام ابن عمر منه، ولم يفعل ذلك من المدينة على أن منهم من ضعف الحديث، ومنهم من تأوله بأن المراد ينشئ لهما السفر من هنالك - انتهى كلام الأمير اليماني. وقال ابن قدامة (ج٣: ص٢٦٤) : لا خلاف في أن من أحرم قبل الميقات يصير محرمًا تثبت في حقه أحكام الإحرام، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من أحرم قبل الميقات أنه محرم، ولكن الأفضل الإحرام من الميقات، ويكره قبله. روي نحو ذلك عن عمر وعثمان، وبه قال الحسن، وعطاء، ومالك، وإسحاق، وقال أبو حنيفة: الأفضل الإحرام من بلده وعن الشافعي كالمذهبين. وكان علقمة، والأسود، وعبد الرحمن، وأبو إسحاق يحرمون من بيوتهم. واحتجوا بما روت أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من