أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر أو وجبت له الجنة. شك عبد الله أيهما قال. رواه أبو داود. وفي لفظ رواه ابن ماجة: من أهل بعمرة من بيت المقدس غفر له. وأحرم ابن عمر من إيلياء، وروى النسائي، وأبو داود بإسناديهما عن الصبي بن معبد، قال: أهللت بالحج والعمرة معًا فلما أتيت العُذّيب لقيني سليمان بن ربيعة، وزيد بن صوحان وأنا أهل بهما جمعيًا فقال أحدهما: ما هذا بأفقه من بعيره، فأتيت عمر فذكرت له ذلك، فقال: هديت لسنة نبيك - صلى الله عليه وسلم -، وهذا إحرام به قبل الميقات. وروي عن عمر، وعلي رضي الله عنهما في قوله تعالى:{وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك. ولنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أحرموا من الميقات ولا يفعلون إلا الأفضل فإن قيل: إنما فعل هذا لتبيين الجواز، قلنا: قد حصل بيان الجواز بقوله كما في سائر المواقيت، ثم لو كان كذلك لكان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه يحرمون من بيوتهم ولما تواطؤا على ترك الأفضل واختيار الأدنى، وهم أهل التقوى والفضل، وأفضل الخلق، لهم من الحرص على الفضائل والدرجات ما لهم، وقد روى أبو يعلى الموصلي في مسنده عن أبي أيوب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يستمتع أحدكم بحله ما استطاع فإنه لا يدري ما يعرض له في إحرامه. وروى الحسن أن عمران بن حصين أحرم من مصره فبلغ ذلك عمر فغضب، وقال: يتسامع الناس أن رجلاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحرم من مصره. وقال: إن عبد الله بن عامر أحرم من خراسان، فلما قدم على عثمان لامه فيما صنع وكرهه له، رواهما سعيد والأثرم. قال البخاري: كره عثمان أن يحرم من خراسان أو كرمان، ولأنه أحرم قبل الميقات فكره كالإحرام بالحج قبل أشهره، ولأنه تغرير بالإحرام، وتعرض لفعل محظوراته، وفيه مشقة على النفس فكره كالوصال في الصوم. قال عطاء: انظروا هذه المواقيت التي وقتت لكم فخذوا برخصة الله فيها، فإنه عسى أن يصيب أحدكم ذنبًا في إحرامه فيكون أعظم لوزره فإن الذنب في الإحرام أعظم من ذلك، فأما حديث الإحرام من بيت المقدس ففيه ضعف يرويه ابن أبي فديك، ومحمد بن إسحاق وفيهما مقال، ويحتمل اختصاص هذا ببيت المقدس دون غيره ليجمع بين الصلاة في المسجدين في إحرام واحد، ولذلك أحرم ابن عمر منه، ولم يكن يحرم من غيره إلا من الميقات، وقول عمر للصبي: هديت لسنة نبيك يعني في القران فالجمع بين الحج والعمرة لا في الإحرام من قبل الميقات فإن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - الإحرام من الميقات بين ذلك بفعله وقوله، وأما قول عمر، وعلي فإنهما قالا:((إتمام العمرة أن تنشئها من بلدك)) ومعناه أن تنشئ لها سفرًا من بلدك تقصد له، ليس أن تحرم بها من أهلك، قال أحمد: كان سفيان يفسره بهذا وكذلك فسره به أحمد. ولا يصح أن يفسر بنفس الإحرام فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ما أحرموا بها من بيوتهم، وقد أمرهم الله بإتمام العمرة، فلو حمل قولهم على ذلك لكان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه تاركين لأمر الله، ثم إن عمر وعليًا ما كانا يحرمان إلا من الميقات، أفتراهما يريان أن ذلك ليس بإتمام لها ويفعلانه؟ هذا لا ينبغي أن يتوهمه أحد ولذلك أنكر عمر على عمران إحرامه من مصره واشتد عليه، وكره أن يتسامع الناس مخافة أن يؤخذ