للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................................

ــ

يحتاط ليخرج من عهدة الواجب، فإن لم يعلم حذو الميقات أحرم من بعد، إذ الإحرام قبل الميقات جائز وتأخيره عنه حرام، فإن تساويا قربًا منه فإنه يحرم من حذو أبعدهما من مكة من طريق، لأنه أحوط، فإن لم يحاذ ميقاتًا كالذي يجيء من ((سواكن)) إلى ((جدة)) من غير أن يمر ((برابغ)) ولا ((يلملم)) لأنهما أمامه، فيصل ((جدة)) قبل محاذاتهما أحرم من مكة بقدر مرحلتين، فيحرم في المثال من ((جدة)) لأنها على مرحلتين من مكة لأنه أقل المواقيت - انتهى. وقال ابن قدامة: من سلك طريقًا بين ميقاتين فإنه يجتهد حتى يكون إحرامه بحذو الميقات الذي هو إلى طريقه أقرب لما روينا أن أهل العراق قالوا لعمر: إن قرنا جور عن طريقنا، فقال: انظروا حذوها من طريقكم، فوقت لهم ذات عرق فإن لم يعرف حذو الميقات المقارب لطريقه احتاط فأحرم من بعد بحيث تيقن أنه لم يجاوز الميقات إلا محرمًا، لأن الإحرام قبل الميقات جائز وتأخيره عنه لا يجوز، فالاحتياط فعل ما لاشك فيه، ولا يلزمه الإحرام حتى يعلم أنه قد حاذاه، لأن الأصل عدم وجوبه، فلا يجب بالشك، فإن أحرم ثم علم أنه قد جاوز ما يحاذيه من المواقيت غير محرم فعليه دم وإن شك في أقرب الميقاتين إليه فالحكم في ذلك على ما ذكرنا في المسألة قبلها، وإن كانتا متساويتين في القرب إليه أحرم من حذو أبعدهما - انتهى. وقال الحافظ: قد نقل النووي في شرح المهذب: من ليس له ميقات ولا يحاذي ميقاتًا يلزمه أن يحرم على مرحلتين اعتبارًا بقول عمر: هذا في توقيته ذات عرق، وتعقب بأن عمر إنما حدها لأنها تحاذي قرنًا وهذه الصورة إنما هي حيث يجهل المحاذاة، فلعل القائل بالمرحلتين أخذ بالأقل، لأن ما زاد عليه مشكوك فيه، لكن مقتضى الأخذ بالاحتياط أن يعتبر الأكثر الأبعد - انتهى. قلت: مذهب الشافعية: أن من سلك البحر أو طريقًا ليس فيه شيء من المواقيت الخمسة، أحرم إذا حاذى أقرب المواقيت إليه، فإذا كان عند محاذاة ذي الحليفة على ميلين منها وعند محاذاة الجحفة على ميل كان ميقاته الجحفة، وإن استويا في القرب إليه أحرم عند محاذاة الأبعد من مكة، فإن لم يحاذ شيئًا - كالآتي من غربي جدة في البحر - أحرم على مرحلتين من مكة قال ابن حجر الهيتمي المكي في ((تحفة المحتاج بشرح المنهاج)) : (من سلك طريقًا) في بر أو بحر (لا ينتهي إلى ميقات، فإن حاذى ميقاتًا) ، أي سامته بأن كان على يمينه أو يساره ولا عبرة بما أمامه أو خلفه (أحرم من محاذاته) فإن اشتبه عليه موضع المحاذاة اجتهد ويسن أن يستظهر ليتيقن المحاذاة، فإن لم يظهر له شيء تعين الاحتياط (أو) حاذى (ميقاتين) بأن كان إذا مر على كلٍ تكون المسافة منه إليه واحدة (فالأصح أن يحرم من محاذاة أبعدهما) من مكة وإن حاذى الأقرب إليها أولا وليس له انتظار الوصول إلى محاذاة الأقرب إليها، كما ليس للمار على ذي الحليفة أن يؤخر إحرامه إلى الجحفة، فإن استوت مسافتهما في القرب إلى طريقه وإلى مكة أحرم من محاذاتهما، ما لم يحاذ أحدهما قبل الآخر، وإلا فمنه، أما إذا لم تستو مسافتهما إليه بأن كان بين طريقه وأحدهما إذا مر عليه ميلان، والآخر إذا مر عليه فهذا هو ميقاته، وإن كان

<<  <  ج: ص:  >  >>