٢٥٤٨- (٢٠) وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما
ينفيان الفقر والذنوب
ــ
وكقوله:{أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ} ولما قدمنا من أن الشرع واللغة والعقل كلها يدل على أن أوامر الله تجب على الفور، وقد بينا أوجه الجواب عن كونه - صلى الله عليه وسلم - لم يحج حجة الإسلام إلا سنة عشر، والعلم عند الله تعالى. (رواه أبو داود، والدارمي) ، وأخرجه أيضًا أحمد (ج١: ص٢٢٥) ، والحاكم (ج١: ص٤٤٨) ، والبيهقي (ج٤: ص٣٣٩، ٣٤٠) ، والدولابي في الكنى (ج٢: ص١٢) كلهم من طريق أبي معاوية عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن مهران أبي صفوان عن ابن عباس، وهذا إسناد جيد قد سكت عنه أبو داود. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وأخرج أيضًا أحمد (ج١: ص٢١٤: ٣٢٣، ٣٥٥) ، وابن ماجة، والطحاوي، والبيهقي (ج٤: ص٣٤٠) من طريق أبي إسرائيل الملائي عن فضيل بن عمرو عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس أو عن الفضل بن عباس أو عن أحدهما عن صاحبه بلفظ: ((من أراد أن يحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة)) وفي رواية لأحمد (ج١: ص٣١٤) عن ابن عباس: ((تعجلوا إلى الحج يعني الفريضة، فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له)) وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي إسرائيل الملائي، وهو إسماعيل الكوفي، وللتردد بين ابن عباس وأخيه الفضل، فإن سعيد بن جبير سمع عبد الله بن عباس، ولكنه لم يدرك الفضل.
٢٥٤٨- قوله (تابعوا بين الحج والعمرة) أي أوقعوا المتابعة بينهما بأن تجعلوا كلاً منهما تابعًا للآخر. قال السندي: أي اجعلوا أحدهما تابعًا للآخر واقعًا على عقبه، أي إذا حججتم فاعتمروا، وإذا اعتمرتم فحجوا فإنهما متتابعان. وقال الحفني: أي ائتوا بهما متتابعين من غير طول فصل جدًا، وليس المراد بالمتابعة تعاقبهما من غير فاصل بل المراد كون الثاني بعد الأول بدون فاصل كبير بحيث ينسب للأول عرفًا، وقال المحب الطبري: يجوز أن يراد به التتابع المشار إليه في قوله تعالى: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ}(٤: ٩٢ - ٥٨: ٤) فيأتي بكل واحد من النسكين عقيب الآخر بحيث لا يتخلل بينهما زمان يصح إيقاع الثاني فيه يعني يأتي بكل منهما عقب الآخر بلا فصل، وهو الظاهر من لفظ المتابعة، ويحتمل أن يراد به إتباع أحدهما الآخر ولو تخلل بينهما زمان بحيث يظهر مع ذلك الاهتمام بهما، ويطلق عليه عرفًا أنه ردفه وتبعه وهذا الاحتمال أظهر إذ القصد الاهتمام بهما وعدم الإهمال وذلك يحصل بما ذكرناه وسواء تقدمت العمرة أو تأخرت لأن اللفظ يصدق على الحالين - انتهى. (فإنهما) أي الحج والاعتمار (ينفيان) أي كل منهما (الفقر) أي يزيلانه وهو يحتمل الفقر الظاهر بحصول غنى اليد والفقر الباطن بحصول غنى القلب (والذنوب) أي يمحوانها، وفي