للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................................

ــ

عنه أجزأه. قال: واختلفت الرواية أي عن أحمد في شرطين وهما تخلية الطريق وهو: أن لا يكون في الطريق مانع من: عدو ونحوه وإمكان المسير، وهو: أن تكمل فيه هذه الشرائط والوقت متسع يمكنه الخروج إليه، فروى أنهما من شرائط الوجوب فلا يجب الحج بدونهما، لأن الله تعالى إنما فرض الحج على المستطيع وهذا غير مستطيع، ولأن هذا يتعذر معه فعل الحج فكان شرطًا كالزاد والراحلة، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي، وروى أنهما ليسا من شرائط الوجوب وإنما يشترطان للزوم السعي فلو كملت هذه الشروط الخمسة ثم مات قبل وجود هذين الشرطين حج عنه بعد موته، وإن أعسر قبل وجودهما بقى في ذمته وهذا ظاهر كلام الخرقي فإنه لم يذكرهما، وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سئل ما يوجب الحج؟ قال: الزاد والراحلة. قال الترمذي: هذا حديث حسن - انتهى. وقال الشنقيطي بعد ذكر الشرائط الخمسة: أما العقل فكونه شرطًا في وجوب كل تكليف واضح لأن غير العاقل لا يصح تكليفه بحال، وأما اشتراط البلوغ فواضح، لأن الصبي مرفوع عنه القلم حتى يحتلم، فالبلوغ والعقل كلاهما شرط وجوب، وأما الإسلام فالظاهر أنه على القول بأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة فهو شرط صحة لا شرط وجوب، وعلى أنهم غير مخاطبين بها فهو شرط وجوب، والأصح خطاب الكفار بفروع الشريعة كما أوضحنا أدلته في غير هذا الموضع فيكون الإسلام شرط صحة في حقهم، ومعلوم أنه على أنه شرط وجوب فهو شرط صحة أيضًا، لأن بعض شرط الوجوب يكون شرطًا في الصحة أيضًا، كالوقت للصلاة، فإنه شرط لوجوبها وصحتها أيضًا، وقد يكون شرط الوجوب ليس شرطًا في الصحة كالبلوغ والحرية، فإن الصبي لا يجب عليه الحج مع أنه يصح منه لو فعله، وكذلك العبد إلا أنه لا يجزئ عن حجة الإسلام إلا إذا كان بعد البلوغ وبعد الحرية، وأما الحرية فهي شرط وجوب فلا يجب الحج على العبد، واستدل العلماء على عدم وجوب الحج على العبد بأمرين: الأول إجماع أهل العلم على ذلك ولكنه إذا حج صح حجه ولم يجزئه عن حجة الإسلام فإن عتق بعد ذلك فعليه حجة الإسلام، قال النووي في شرح المهذب: أجمعت الأمة على أن العبد لا يلزمه الحج لأن منافعه مستحقة لسيده، فليس هو مستطيعًا ويصح منه الحج بإذن سيده وبغير إذنه بلا خلاف عندنا. قال القاضي أبو الطيب: وبه قال الفقهاء: كافة. وقال داود: لا يصح بغير إذنه. والأمر الثاني حديث ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: أيما صبي حج ثم بلغ فعليه حجة الإسلام، وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة الإسلام، ثم ذكر تخريجه عن التلخيص للحافظ وبسط الكلام في تقويته ثم قال: وأما الاستطاعة فقد نص تعالى على اشتراطها في قوله: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} ومعنى الاستطاعة في اللغة العربية معروف، وتفسير الاستطاعة في الآية اختلف فيه العلماء فالاستطاعة في مشهور مذهب مالك الذي به الفتوى هي إمكان الوصول بلا مشقة عظيمة زائدة على مشقة السفر العادية مع الأمن على النفس والمال ولا يشترط عندهم الزاد والراحلة، بل يجب الحج عندهم على القادر على المشي إن كانت له صنعة يحصل منها قوته في الطريق: كالجمال، والخراز، والنجار، ومن أشبههم.

<<  <  ج: ص:  >  >>