للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

عنهم إلخ – انتهى. قلت: هكذا أطلق ((مذاهب الأئمة الأربعة)) عامة شراح الحديث كالحافظ والنووي والعيني، ونقلة المذاهب كابن رشد، وابن قدامة، وابن عبد البر، وابن المنذر وغيرهم، لكن في فروعهم تفاصيل في هذه المسألة، ففي مفيد الأنام لابن جاسر النجدي: ((ويسن لمريد الإحرام أن يتطيب ولو امرأة غير محدة لحرمة الطيب عليها، في بدنه سواء كان الطيب مما تبقى عينه كالمسك أو أثره كالعود، والبخور، وماء الورد لقول عائشة: كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم - الحديث. قال شيخ الإسلام (يعني ابن تيمية) : وكذلك إن شاء المحرم أن يتطيب في بدنه فهو حسن ولا يؤمر المحرم قبل الإحرام بذلك، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله ولم يأمر به الناس - انتهى. ويكره لمريد الإحرام تطييبه ثوبه الذي يريد الإحرام فيه، فإن طيبه فله استدامة لبسه ما لم ينزعه، فإن نزعه فليس له لبسه والطيب فيه لأن الإحرام يمنع الطيب ولبس المطيب دون الاستدامة، فإن لبسه بعد نزعه وأثر الطيب باق لم يغسله حتى يذهب، فدى لاستعماله الطيب، أو نقل الطيب من موضع بدنه إلى موضع آخر، أو تعمد مسه بيده فعلق الطيب بها، أو نحى الطيب عن موضعه ثم رده إليه بعد إحرامه فدى، لأنه ابتداء للطيب، فإن ذاب الطيب بالشمس أو بالعرق فسال إلى موضع آخر من بدن المحرم فلا شيء عليه لحديث عائشة قالت: كنا نخرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة فنضمد جباهنا بالمسك عند الإحرام، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراها النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا ينهاها. رواه أبو داود - انتهى. وهكذا ذكر في ((الروض المربع)) من فروع الحنابلة، ومذهب الشافعية في الطيب عند الإحرام كمذهب الحنابلة، ففي ((روضة المحتاجين)) : يسن أن يتطيب في بدنه للإحرام قبله ولو بما له جرم، ولا بأس باستدامته بعده. لكن لو نزع ثوبه المطيب وإن كان لا يسن تطييبه ثم لبسه ورائحة الطيب موجودة فيه لزمه الفدية في الأصح، كما لو ابتدأ لبس الثوب المطيب أو أخذ الطيب من بدنه ثم رده إليه، ولا عبرة بانتقال الطيب بإسالة العرق، ولو تعطر ثوبه من بدنه لم يضر جزمًا - انتهى. وفى الدر المختار: وطيب بدنه إن كان عنده لا ثوبه بما تبقى عينه، هو الأصح. قال ابن عابدين: قوله: ((طيب بدنه)) أي استحبابًا عند الإحرام ولو بما تبقى عينه كالمسك والغالية هو المشهور. قال: والفرق بين الثوب والبدن أنه اعتبر في البدن تابعًا، والمتصل بالثوب منفصل عنه. وأيضاً المقصود من استنانه وهو حصول الارتفاق حالة المنع منه حاصل بما في البدن فأغنى عن تجويزه في الثوب - انتهى. وفى البحر الرائق: يسن له استعمال الطيب في بدنه قبيل الإحرام بما تبقى عينه بعده أولا تبقى وكرهه محمد بما تبقى، وقيدنا بالبدن إذ لا يجوز التطيب في الثوب بما تبقى عينه على قول الكل على إحدى الروايتين عنهما. قالوا: وبه نأخذ. والفرق لهما بينهما أنه اعتبر في البدن تابعًا على الأصح، وما بالثوب منفصل عنه فلم يعتبر تابعًا - انتهى. واختار الطحاوي قول محمد ورجحه في شرح الآثار، لكنه لم يذكر الفرق بين الثوب والبدن في قول الشيخين وكذا لم يفرق بينهما محمد في موطأه. وكذا لا ذكر للفرق بينهما في عامة كتب الحنفية، نعم فرق بينهما ابن الهمام، وقال بعد ذكر الفرق الذي تقدم عن ابن نجيم في البحر: وقد قيل: يجوز في الثوب أيضاً على قولهما

<<  <  ج: ص:  >  >>