للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

خروجه - صلى الله عليه وسلم - من المدينة كان يوم الخميس لست بقين من ذي القعدة، حكى هذا القول ابن القيم في الهدي (ج١: ص١٨١، ١٨٢) عن ابن حزم، وذكر كلامه مفصلاً ثم بسط في الرد عليه، وسيأتي شيء من كلامه مع الجواب عنه. القول الثالث: ما اختاره المحققون من شراح الحديث وأصحاب التاريخ: أن خروجه كان لخمس بقين من ذي القعدة يوم السبت، وبه جزم ابن القيم في الهدي، وهو مختار الحافظ في الفتح (ج٦: ص٨٠) إذ قال في شرح قول ابن عباس: ((وذلك لخمس بقين من ذي القعدة)) ما لفظه: أخرج مسلم مثله من حديث عائشة، واحتج به ابن حزم في كتاب حجة الوداع له على أن خروجه - صلى الله عليه وسلم - من المدينة كان يوم الخميس، قال: لأن أول ذي الحجة كان يوم الخميس بلا شك، لأن الوقفة كانت يوم الجمعة بلا خلاف، وظاهر قول ابن عباس: ((لخمس)) يقتضي أن يكون خروجه من المدينة يوم الجمعة بناء على ترك عد يوم الخروج، وقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر بالمدينة أربعًا كما سيأتي من حديث أنس، فتبين أنه لم يكن يوم الجمعة، فتعين أنه يوم الخميس، وتعقبه ابن القيم بأن المتعين أن يكون يوم السبت بناء على عد يوم الخروج أو على ترك عده، ويكون ذو القعدة تسعًا وعشرين يومًا - انتهى. ويؤيده ما رواه ابن سعد، والحاكم في الإكليل أن خروجه - صلى الله عليه وسلم - من المدينة كان يوم السبت لخمس بقين من ذي القعدة. وقال الحافظ أيضاً (ج١٨: ص٨٥) : جزم ابن حزم بأن خروجه - صلى الله عليه وسلم - من المدينة كان يوم الخميس، وفيه نظر لأن أول ذي الحجة كان يوم الخميس قطعًا لما ثبت وتواتر أن وقوفه بعرفة كان يوم الجمعة وتعين أن أول الشهر يوم الخميس فلا يصح أن يكون خروجه يوم الخميس، بل ظاهر الخبر أن يكون يوم الجمعة لكن ثبت في الصحيحين عن أنس: ((صلينا الظهر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أربعًا، والعصر بذي الحليفة ركعتين)) فدل على أن خروجهم لم يكن يوم الجمعة، فما بقى إلا أن يكون خروجهم يوم السبت، ويحمل قول من قال: ((لخمس بقين)) أي إن كان الشهر ثلاثين، فاتفق أن جاء تسعًا وعشرين فيكون يوم الخميس أول ذي الحجة بعد مضي أربع ليالي لا خمس، وبهذا تتفق الأخبار. هكذا جمع الحافظ عماد الدين ابن كثير بين الروايات، وقوي هذا الجمع بقول جابر أنه خرج لخمس بقين من ذي القعدة أو أربع، وكان دخوله - صلى الله عليه وسلم - مكة صبح رابعة كما ثبت في حديث عائشة وذلك يوم الأحد، وهذا يؤيد أن خروجه من المدينة كان يوم السبت كما تقدم، فيكون مكثه في الطريق ثمان ليال وهى المسافة الوسطى - انتهى. وقال في شرح ((باب الخروج آخر الشهر)) من كتاب الجهاد: قد استشكل قول ابن عباس وعائشة أنه خرج لخمس بقين، لأن ذا الحجة كان أوله الخميس للاتفاق على أن الوقفة كانت يوم الجمعة، ولا يصح ذلك لقول أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر بالمدينة أربعًا ثم خرج. وأجيب بأن الخروج كان يوم السبت، وإنما قال الصحابة: ((لخمس بقين)) بناء على العدد، لأن ذا القعدة كان أوله الأربعاء فاتفق أن جاء ناقصًا، فجاء أول ذي الحجة الخميس، فظهر أن الذي كان بقى من الشهر أربع لا خمس، كذا أجاب به جمع من العلماء، ويحتمل أن يكون الذي قال: ((لخمس بقين)) أراد

<<  <  ج: ص:  >  >>