للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

قولها: من حكى أنه لبى بهما جميعًا وكان قارنًا من الابتداء. وسيأتي بيان الاختلاف في صفة إحرامه - صلى الله عليه وسلم -، وفي أن حجه هل كان إفرادًا أو تمتعًا أو قرانًا، اعلم أن الحج على ثلاثة أنواع: الإفراد، والتمتع، والقران، ويخير مريد الإحرام بين هذه الأنواع الثلاثة، قال ابن قدامة: إن الإحرام يقع بالنسك من وجوه ثلاثة: تمتع، وإفراد، وقران. وأجمع أهل العلم على جواز الإحرام بأي الأنساك الثلاثة شاء، وكذا حكى النووي في شرح المهذب وشرح مسلم الإجماع على جواز الأنواع الثلاثة وتأويل ما ورد من النهي عن التمتع عن بعض الصحابة. وقال الولي العراقي في طرح التثريب: أجمعت الأمة على جواز تأدية نسكي الحج والعمرة بكل من هذه الأنواع الثلاثة الإفراد، والتمتع، والقران. قال الحافظ: والإفراد هو الإهلال بالحج وحده في أشهره عند الجميع وفي غير أشهره أيضاً عند مجيزيه، والاعتمار بعد الفراغ من أعمال الحج لمن شاء - انتهى. ومعنى قوله: ((عند مجيزيه)) أن الإحرام بالحج قبل أشهره مختلف فيه، قال ابن قدامة: لا ينبغي أن يحرم بالحج قبل أشهره، هذا هو الأولى. فإن الإحرام بالحج قبل أشهره مكروه لكونه إحرامًا به قبل وقته، فأشبه الإحرام به قبل ميقاته، ولأن في صحته اختلافًا، فإن أحرم به قبل أشهره صح، وإذا بقى على إحرامه إلى وقت الحج جاز، نص عليه أحمد، وهو قول مالك، والثوري، وأبى حنيفة، وإسحاق، وقال عطاء وطاوس، ومجاهد، والشافعي: يجعله عمرة، لقول الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} (٢: ١٩٧) تقديره وقت الحج أشهر، أو أشهر الحج أشهر معلومات، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، ومتى ثبت أنه وقته لم يجز تقديم إحرامه عليه كأوقات الصلوات. ولنا قول الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} (٢: ١٨٩) فدل على أن جميع الأشهر ميقات - انتهى. وفيه أنه لو صح ذلك لجاز صيام رمضان في شهر آخر، فإن قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} لا يختلف عن تعيين شهر رمضان باسمه، فإن قوله: {مَّعْلُومَاتٌ} كتسميتها سواء. والتمتع أن يهل بعمرة مفردة من الميقات في أشهر الحج فإذا فرغ منها أحرم بالحج من عامه. قال الحافظ: أما التمتع فالمعروف أنه الاعتمار في أشهر الحج، ثم التحلل من تلك العمرة والإهلال بالحج في تلك السنة، ويطلق التمتع في عرف السلف على القران أيضًا. قال ابن عبد البر: لا خلاف بين العلماء أن التمتع المراد بقوله تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} (٢: ١٩٦) أنه الاعتمار في أشهر الحج قبل الحج، قال: ومن التمتع أيضاً القران لأنه تمتع بسقوط سفر للنسك الآخر من بلده، ومن التمتع أيضاً: فسخ الحج إلى العمرة - انتهى. وقال ابن قدامة في المغني: قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من أهل بعمرة في أشهر الحج من أهل الآفاق من الميقات وقدم مكة ففرغ منها وأقام بها وحج من عامه أنه متمتع. وقال أيضاً: لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في أن من اعتمر في غير أشهر الحج عمرة وحل منها قبل أشهر الحج أنه لا يكون متمتعًا إلا قولين شاذين أحدهما عن طاوس أنه قال: إذا اعتمرت في غير أشهر الحج ثم أقمت حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>