عليه العمرة وقد تقدم أنهم أجابوا عن ذلك بأنه خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لضرورة الاعتمار حينئذٍ في أشهر الحج، ولا يخفى ما فيه. واعلم أنهم بعد ما أجمعوا على جواز الإحرام بأي الأنساك الثلاثة شاء، اختلفوا في أفضلها قال ابن قدامة: اختلفوا في أفضلها، فاختار إمامنا: التمتع، ثم الإفراد، ثم القران، وروى المروذي عن أحمد: إن ساق الهدي فالقران أفضل، وإن لم يسقه فالتمتع أفضل، وذهب أصحاب الرأي إلى اختيار القران، وذهب مالك إلى اختيار الإفراد، وهو ظاهر مذهب الشافعي - انتهى مختصرًا. وقال ابن القيم بعد ذكر رواية المروذي عن أحمد: فمن أصحابه من جعل هذه رواية ثانية، ومنهم من جعل المسألة رواية واحدة، وأنه إن ساق الهدي فالقران أفضل، وإن لم يسق فالتمتع أفضل، وهذه طريقة شيخنا، وهي التي تليق بأصول أحمد - انتهى. قلت: والمرجح في فروع الحنابلة كون التمتع أفضل مطلقًا، وحكى النووي للإمام الشافعي ثلاثة أقوال ثم قال: والصحيح: تفضيل الإفراد، ثم التمتع، ثم القران، وهكذا في عامة فروع الشافعية، لكن أفضلية الإفراد عندهم مشروطة بأن يعتمر بعده في هذه السنة، وإلا فهما أفضل منه، كما صرح بذلك غير واحد من الشافعية في كتب فروعهم. قال النووي في مناسكه: القران أفضل من إفراد الحج بغير أن يعتمر بعده - انتهى. وقال الولي العراقي: ذهب القاضي حسين، والمتولي من الشافعية إلى ترجيح الإفراد على التمتع والقران ولو لم يعتمر في تلك السنة ولكن الأكثرون على أن شرط تفضيله عليهما أن يعتمر من سنته، فلو أخر العمرة عن تلك السنة فكل منهما أفضل منه للإتيان فيهما بالنسكين، وذكر النووي: أن ما قالاه شاذ ضعيف - انتهى. والمختار عند المالكية أن الإفراد أفضل مطلقًا، ثم القران، ثم التمتع. واشتراط الاعتمار في أفضلية الإفراد قول ضعيف، والمعتمد عندهم أن الإفراد أفضل ولو لم يعتمر بعده، وأما الحنفية فلهم قول واحد وهو أفضلية القران ثم التمتع ثم الإفراد. وقال المحب الطبري: قد اختلف الأئمة في أي الوجوه الثلاثة أفضل، ومنشأ اختلافهم ما تقدم من اختلاف الروايات في فعله - صلى الله عليه وسلم -، فقال مالك والشافعي: الإفراد أفضل، وقال أحمد، وإسحاق، وأهل الظاهر: التمتع أفضل، وقال أبو حنيفة: القران أفضل، وبه قال أهل التحقيق من المحدثين والأئمة والحفاظ وهو المختار. انتهى مختصرًا. وقال الولي العراقي: اختلف العلماء في أفضل وجوه الإحرام بحسب اختلافهم فيما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع على أقوال أحدها: أن الأفضل الإفراد، وهو مذهب مالك، والشافعي، وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر، وجابر، وعائشة، وأبى ثور، وحكاه النووي في شرح المهذب عنهم، وعن عمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، والأوزاعي، وداود. قال المالكية والشافعية: ثم الأفضل بعد الإفراد التمتع ثم القران. الثاني: أن التمتع أفضل، وهو قول أحمد بن حنبل. قال ابن قدامة في المغني: وممن روى عنه اختيار التمتع ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وعائشة، والحسن، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وجابر بن زيد، وسالم، والقاسم، وعكرمة وهو أحد قولي الشافعي، وحكاه الترمذي عنه وعن أحمد، وإسحاق وأهل الحديث. قال الحنابلة: ثم الأفضل