للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأما من أهل بعمرة فحل،

ــ

والاستدلال، وإنما استدلوا بما ظهر من فعله يعني أن التكاذب فيما طريقه النقل، ولم يقولوا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم إني فعلت كذا، وإنما استدلوا على نيته وقصده بما ظهر من أفعاله، وهذا موضع تأويل يجوز فيه الغلط والخطأ، فإذا إنما وقع فيما طريقه النظر والاستدلال لا النقل. الثاني: يصح أن يكون أمر بعض أصحابه بالإفراد وبعضهم بالقران وبعضهم بالتمتع، ليدل على جواز الجميع فأضاف النقلة ذلك إلى فعله كما يقال: قطع الأمير اللص. والثالث: يصح أن يكون قارنًا إلا أنه فرق بين زمن إحرامه بالعمرة وبين زمانه بالحج فسمعت طائفة قوله الأول، وطائفة الثاني، وطائفة القولين، فروت كل واحدة بما سمعت انتهى مختصرًا. (فأما من أهل بعمرة فحل) لما وصل مكة وأتى بأعمالها وهي الطواف والسعي والحلق أو التقصير وهذا مجمع عليه في حق من لم يسق معه هديًا، أما من أحرم بعمرة وساق معه الهدي فقال مالك، والشافعي، وجماعة هو كذلك، قال النووي في مناسكه: المتمتع هو الذي يحرم بالعمرة من ميقات بلده ويفرغ منها ثم ينشئ الحج من مكة سمي متمتعًا لاستمتاعه بمحظورات الإحرام بين الحج والعمرة فإنه يحل له جميع المحظورات إذا فرغ من العمرة سواء كان ساق هاديًا أو لم يسق - انتهى. وقال الأبي في الإكمال: إن المعتمر إذا فرغ من عمرته حل ثم ينشئ الحج من عامه وإن كان معه الهدي، فكذلك عند مالك، والشافعي قياسًا على من ليس معه هدي - انتهى. وقال أبو حنيفة، وأحمد وجماعة: لا يحل من عمرته حتى ينحر هديه يوم النحر. قال صاحب الهداية في المتمتع الذي ساق الهدي: إذا دخل مكة طاف وسعى، وهذا للعمرة على ما بينا في متمتع لا يسوق الهدي إلا أنه لا يتحلل حتى يحرم بالحج يوم التورية، لقوله عليه السلام: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة وتحللت منها. وهذا ينفي التحلل عند سوق الهدي - انتهى. قال الحافظ في الدراية: رواه مسلم في حديث جابر الطويل، وفي الصحيحين عن أنس: ((لولا أن معي الهدى لأحللت)) - انتهى. وقال ابن قدامة في المغني (ج٣: ٣٩١) : أما من معه هدي (أي المتمتع الذي ساق الهدي) فليس له أن يتحلل لكن يقيم على إحرامه ويدخل الحج على العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا، نص عليه أحمد وهو قول أبى حنيفة ... وقال مالك، والشافعي: له التحلل ونحر هديه، ويستحب نحره عند المروة. ولنا حديث ابن عمر قال: تمتع الناس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما قدم مكة قال للناس: من كان معه هدي فإنه لا يحل من شيء حرم عليه حتى يقضي حجه، ومن لم يكن معه هدي فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل. وروت عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع - الحديث. وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا)) وعن حفصة أنها قالت: يا رسول الله ما شأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل من عمرتك؟ قال: إني لبدت رأسي وقلدت هدي فلا أحل حتى أنحر. متفق عليه. والأحاديث كثيرة أي في هذا المعنى. (وقال الحافظ: الأحاديث بذلك متضافرة) وذكر ابن قدامة روايتين أخريين لأحمد ثم قال: والرواية الأولى أولى لما

<<  <  ج: ص:  >  >>