الأمر، وحقق هذا القول ابن الهمام في شرح الهداية، وابن القيم في الهدي، وأجابا عن كل ما خالفه فعليك أن ترجع إليهما، وهذا القول هو الحق والصواب عندنا، قال ابن القيم: والصواب أنه أحرم بالحج والعمرة معًا من حيث أنشأ الإحرام ولم يحل حتى حل منهما جميعًا كما دلت عليه النصوص المستفيضة التي تواترت تواترًا يعلمه أهل الحديث - انتهى. وإليه مال ابن حزم الظاهري في كتابه ((حجة الوداع)) وتأول باقي الأحاديث إليه كما حكاه النووي، والولي العراقي، ثم إنه طاف طوافًا واحدًا وسعيًا واحدًا، وقد بسط ابن القيم الكلام في إثبات هذا القول أشد البسط وهذا القول هو الراجح المعول عليه عندنا قال الولي العراقي في شرح التقريب، والسيوطي في التنوير: قال القاضي عياض: قد أكثر الناس الكلام على هذه الأحاديث أي المختلفة في إحرامه وحجته - صلى الله عليه وسلم -، فمن مجيد منصف، ومن مقصر متكلف، ومن مطيل مكثر، ومن مقتصر مختصر، وأوسعهم في ذلك نفسًا أبو جعفر الطحاوي الحنفي، فإنه تكلم في ذلك في زيادة على ألف ورقة وتكلم معه في ذلك أبو جعفر الطبري، ثم أبو عبد الله بن أبي صفرة، ثم المهلب، والقاضي أبو عبد الله بن المرابط، والقاضي أبو الحسن بن القتار، والحافظ أبو عمر بن عبد البر وغيرهم وأولى ما يقال في هذا على ما لخصناه من كلامهم واخترناه من اختياراتهم مما هو أجمع للروايات وأشبه بمساق الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أباح للناس فعل هذه الأنواع الثلاثة ليدل على جواز جميعها إذ لو أمر بواحد لكان غيره يظن أنه لا يجزئ فأضيف الجميع إليه وأخبر كل واحد بما أمر به وأباحه ونسبه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إما لأمره به أو لتأويله عليه - انتهى. وقد سبق بهذا الجمع الخطابي كما تقدم وزاد، وقد يحتمل ذلك وجهًا آخر، وهو أن يكون بعضهم سمعه يقول: لبيك بحج، فحكى أنه أفردها، وخفي عليه قوله:((وعمرة)) فلم يحك إلا ما سمع وهو عائشة، ووعى غيره الزيادة فرواها وهو أنس حين قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: لبيك بحجة وعمرة، ولا تنكر الزيادات في الأخبار كما لا تنكر في الشهادات، وإنما كان يختلف ويتناقض لو كان الزائد نافيًا لقول صاحبه، وأما إذا كان مثبتًا له وزائدًا عليه فليس فيه تناقض ولا تدافع - انتهى. وجمع الحنفية كابن الهمام، وابن نجيم وغيرهما بين هذه الروايات بأن سبب رواية الإفراد سماع من رأى تلبيته بالحج وحده، ورواية التمتع سماع من سمعه يلي بالعمرة وحدها، ورواية القران سماع من سمعه يلبي بهما، وهذا لأنه لا مانع من إفراد ذكر نسك في التلبية وعدم ذكر شيء أصلاً وجمعه أخرى بنية القران - انتهى. وقال الأبي في الإكمال: اختلفت الرواة في صفة حجه - صلى الله عليه وسلم - وطعن بعض الملحدة بذلك في الوثوق بنقل الصحابة، قال لأن القضية واحدة واختلفوا في نقلها اختلافًا متضادًا وذلك يؤدي إلى الخلف في خبرهم وعدم الوثوق بنقلهم، وقد أكثر الناس من الكلام على هذه الأحاديث وأوسعهم في ذلك نفسًا الطحاوي، والمتحصل من جواباتهم ثلاثة الأول: أن الكذب إنما يدخل فيما طريقه النقل لا فيما طريقة النظر