للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

حيث قال: اختلفت الروايات فيما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - به محرمًا، والجواب عن ذلك أن كل راو أضاف إليه ما أمر به اتساعًا، ثم رجح أنه كان أفرد الحج. قال الحافظ في الفتح: هذا هو المشهور عند الشافعية والمالكية وقد بسط الشافعي القول فيه في اختلاف الحديث وغيره - انتهى. ومقتضى هذا القول أنه - صلى الله عليه وسلم - لبى بالحج وحده واستمر عليه. الثاني: أنه لبى بالعمرة وحدها واستمر عليها حتى فرغ منها ثم أحرم بعد ذلك بالحج فكان متمتعًا وكان حجه حج تمتع، قاله القاضي أبو يعلى وغيره. الثالث: أنه حج متمتعًا تمتعًا لم يحل فيه لأجل سوق الهدي ولم يكن قارنًا، حكاه ابن القيم عن صاحب المغني وغيره، ومقتضى هذا أنه أحرم بالعمرة وحدها واستمر عليها حتى حل يوم النحر. الرابع: أنه لبى بالحج وحده وحج مفردًا واعتمر بعده من التنعيم. قال ابن تيمية: وهذا غلط لم يقله أحد من الصحابة، ولا التابعين، ولا الأئمة الأربعة، ولا أحد من أهل الحديث - انتهى. وقال ابن القيم: الذين قالوا: إنه حج مفردًا، اعتمر عقيبه من التنعيم لا يعلم لهم عذر ألبته إلا أنهم سمعوا أنه - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج، وأن عادة المفردين أن يعتمروا من التنعيم فتوهموا أنه فعل كذلك. الخامس: أنه لبى بالحج مفردًا ثم أدخل عليه العمرة وصار قارنًا فكان مفردًا ابتداءً وقارنًا انتهاءً، وبه جزم عامة محققي الشافعية وبعض المالكية، قال النووي في شرح المهذب: والصواب الذي نعتقده أنه - صلى الله عليه وسلم - أحرم بالحج أولاً مفردًا ثم أدخل عليه العمرة فصار قارنًا، وإدخال العمرة على الحج جائز على أحد القولين عندنا، وعلى الأصح لا يجوز لنا، وجاز للنبي - صلى الله عليه وسلم - تلك السنة للحاجة - انتهى. واختاره القاضي عياض إذ قال: أما إحرامه - صلى الله عليه وسلم - بنفسه فأخذ بالأفضل فأحرم مفردًا للحج، تضافرت به الروايات الصحيحة، وأما رواية من روى أنه كان متمتعًا فمعناه أمر به، وأما رواية من روى القران فهو إخبار عن آخر أحواله لا عن ابتداء إحرامه، لأنه أدخل العمرة على الحج لما جاء إلى الوادي وقيل له: قل عمرة في حجة - انتهى. قال الحافظ: وهذا الجمع هو المعتمد، وقد سبق إليه قديمًا ابن المنذر، ومهده المحب الطبرى (في القرى ص٨٦ - ١٠٠) تمهيدًا بالغًا يطول ذكره، ومحصله أن كل من روي عنه الإفراد حمل على ما أهل به في أول الحال، وكل من روي عنه التمتع أراد ما أمر به أصحابه، وكل من روي عنه القران أراد ما استقر عليه أمره. السادس: أنه لبى بالعمرة وحدها ثم لم يتحلل منها إلى أن أدخل عليها الحج يوم التروية فصار قارنًا، حكاه الحافظ عن الطحاوي، وابن حبان، السابع: أنه أحرم إحرامًا مطلقًا لم يعين فيه نسكًا ثم عينه بعد، رجحه الشافعي في اختلاف الحديث، كما قال الحافظ في الفتح. وقال الولي العراقي: قال القاضي وقال بعض علمائنا: إنه أحرم إحرامًا مطلقًا منتظرًا ما يؤمر به من إفراد، أو تمتع، أو قران، ثم أمر بالحج، ثم أمر بالعمرة في وادي العقيق بقوله: ((صل في هذا الوادي وقل: عمرة في حجة)) ثم قال القاضي في موضع آخر بعد ذلك: لا يصح قول من قال: أحرم النبي - صلى الله عليه وسلم - إحرامًا مبهمًا. لأن رواية جابر وغيره من الصحابة في الأحاديث الصحيحة ترده وهي مصرحة بخلافه - انتهى. الثامن: أنه لبى بالحج والعمرة معًا وكان قارنًا من أول

<<  <  ج: ص:  >  >>