وقدم علي من اليمن ببدن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال:" ماذا قلت حين فرضت الحج؟ " قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسولك.
ــ
حمل الإمام ابن تيمية تلك الأحاديث كما تقدم وهو محمل حسن، والله تعالى أعلم. (وقدم عليٌّ من اليمن) لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان بعثه إليها، وقال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي نجيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بعث عليًا إلى نجران فلقيه بمكة، وقد أحرم، وفي رواية عطاء عن جابر كما سيأتي ((قال: فقدم عليّ من سعايته)) قال القاضي: أي من عمله في الصدقات. قال:((وقال بعض علمائنا: الذي في غير هذا الحديث ((أن عليًا إنما بعثه أميرًا لا عاملاً على الصدقات، إذ لا يجوز استعمال بني هاشم على الصدقات، لقوله - صلى الله عليه وسلم - للفضل بن العباس وعبد المطلب بن ربيعة حين سألاه ذلك: إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد)) ولم يستعملهما. قال القاضي: يحتمل أن عليًا ولي الصدقات وغيرها احتسابًا، أو أعطي عمالته عليها من غير الصدقة. قال: وهذا أشبه لقوله: ((من سعايته)) . والسعاية تختص بالصدقة. واستحسنه النووي إلا أنه ذهب إلى أن السعاية لا تختص بالصدقة بل تستعمل في مطلق الولاية، وإن كان أكثر استعمالها في الولاية على الصدقة، واستدل لذلك بما في حديث حذيفة في رفع الأمانة. قال: ولقد أُتي عليَّ زمان ولا أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلمًا ليردنه عليَّ دينه، ولئن كان نصرانيًا أو يهوديًا ليردنه عليَّ ساعيه - يعني الوالي عليه - انتهى. (بِبُدْن النبي - صلى الله عليه وسلم -) بضم الباء وسكون الدال جمع بَدَنة بفتح الباء والدال، والبَدَنة واحدة الإبل سميت به لعظمها وسمنها، وتقع على الجمل والناقة، وقد تطلق على البقرة. ونسبت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن عليًا رضي الله عنه اشتراها له، لا أنها من السعاية على الصدقة كما يتبادر إلى الذهن، وكان عددها سبعًا وثلاثين بَدَنة، وكان عدد الهدي الذي ساقه النبي - صلى الله عليه وسلم - معه من المدينة ثلاثًا وستين بَدَنة كما جاء في رواية الترمذي، وأعطى عليًا البُدْن التي جاءت معه من اليمن وهي تمام المائة. قال الزرقاني: ظاهر قوله ((قدم عليّ من اليمن بِِبُدْن النبي - صلى الله عليه وسلم -)) أن البُدْن للمصطفى. وفي رواية النسائي (ومسند أحمد والمنتقى لابن الجارود)((قدم عليّ من اليمن بهدي وساق النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة هديًا)) . وظاهره أن الهدي كان لعلي رضي الله عنه، فيحتمل أن عليًا قدم من اليمن بهدي لنفسه وهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر كل راوٍ واحدًا منهما – انتهى. وسيأتي مزيد الكلام في هذا عند ذكر نحر هذه البُدْن إن شاء الله تعالى. ووقع عند مسلم وغيره بعد هذا ((فوجد (أي عليّ) فاطمة ممن حل ولبست ثيابًا صبيغًا واكتحلت فأنكر ذلك عليها (ظنًّا أنه لا يجوز) فقالت: إن أبي أمرني بهذا، قال (أي جعفر بن محمد عن أبيه) فكان عليٌّ يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرشًا على فاطمة للذي صنعت مستفتيًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما ذكرت عنه، فأخبرته أني أنكرت عليها فقال:" صدقت صدقت ")) . (فقال) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - (ماذا قلت حين فرضت الحج؟) أي ألزمته على نفسك بالنية والتلبية، وفي رواية أحمد وابن الجارود ((وقال لعليّ:" بم أهللت "؟)) أي بأي شيءٍ نويت حين أحرمت بحج أو عمرة أو بهما؟ (قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسولك) فيه