للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

كيف والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان من الذين جمعوا على التحقيق وعلى مقتضى هذا الحديث، لأنه كان معه الهدي ألبتة، وقد ثبت أنه طاف أولاً حين قدم وطاف ثانيًا طواف الإفاضة حين رجع من منى، بل لعله ما ثبت أن أحدًا ترك الطواف عند القدوم ولا طواف الإفاضة، فلا فرق بين الطائفتين إلا بصفة الافتراض، فطواف من حل كان مرتين فرضًا وطواف من لم يحل كان مرة فرضًا، والله تعالى أعلم، والحاصل أن إحدى الطائفتين طافوا طوافين للنسكين والثانية طافوا لهما واحدًا – انتهى. وقال الباجي: قولهما ((أما الذين أهلوا بالحج أو جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا)) تريد - والله أعلم – أحد وجهين: أما أنهم لم يطوفوا غير طواف واحد للورود وطواف واحد للإفاضة إن كانوا قرنوا قبل دخول مكة، وإن كانوا أردفوا فلم يطوفوا غير طواف واحد وهو طواف الإفاضة، ويحتمل أن يريد بذلك أنهم سعوا لهما سعيًا واحدًا والسعي يسمى طوافًا، والوجه الثاني: أن طوافهم كان على صفة واحدة لم يزد القارن فيه على طواف المفرد، وذلك أن القارن لم يفرد العمرة بطواف وسعي بل طاف لهما كما طاف المفرد للحج، وهذا نص في صحة ما ذهب إليه مالك ومن وافقه في أن حكم القارن في ذلك حكم المفرد - انتهى. ثم قال: وهؤلاء جمعوا الحج والعمرة لا يخلو أن يكونوا أهلوا بهما جميعًا أو أردفوا الحج على العمرة إذ أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فإن كانوا ممن أهل بهما فقد طافوا لهما طواف الورود، وسعوا بأثره، ثم طافوا لهما بعد ذلك طواف الإفاضة ولم يسعوا بعده. وأما من أردف الحج على العمرة فإن كان أردفه قبل الوصول إلى مكة فحكمه حكم من أهل بهما وقد تقدم حكمه. وأما من أردفه بعد الوصول إلى مكة وقبل التلبس بالطواف فإنه لا يطوف بالبيت ولا يسعى بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى لأنه محرم بالحج من مكة، ومن أحرم بالحج من مكة فليس عليه طواف ورود، فهذا المردف لما أحرم بالحج من مكة لا تأثير لما تقدم من عمرته في الورود ولا في غير ذلك من الأفعال غير وجوب الدم للقران – انتهى. وقال ابن قدامة ما محصله: أن المراد الطواف الواحد للزيارة بعد الرجوع عن منى بخلاف المتمتع فإنه يطوف عند أحمد إذ ذاك طوافين: طواف القدوم وطواف الزيارة، لأن المتمتع لم يأت بطواف القدوم قبل ذلك، والطواف الذي طافه قبل الخروج إلى منى كان للعمرة، وعلى هذا معنى قولها ((طوافًا واحدًا)) أي يوم النحر للزيارة فقط لا للقدوم طوافًا آخر كما يفعله المتمتع عند الحنابلة، وقد تقدم كلام ابن قدامة بتمامه. وأجاب الحنفية عن حديث الباب وأولوه بوجوه، فقال بعضهم إن المراد بقوله: " طوافًا واحدًا " أي طاف لكل واحد منهما طوافًا يشبه الطواف الذي للآخر – انتهى. ولا يخفى ما في هذا التأويل من التعسف، وقال الطحاوي: إن عائشة أرادت بقولها: ((وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا لهما طوافًا واحدًا)) يعني الذين تمتعوا بالعمرة إلى الحج، لأن حجتهم كانت مكية، والحجة المكية لا يطاف لها إلا بعد عرفة. قال: والمراد بقولها "جمعوا بين الحج والعمرة، جمع متعة لا جمع قران – انتهى. قال الحافظ

<<  <  ج: ص:  >  >>