للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.............................................................................................

ــ

القدوم، وهو سنة لا شيء على تاركه، وطواف الوداع، واجب ينوب عنه الدم إذا تركه، وبهذا قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري. وقال مالك: على تارك طواف القدوم دم، ولا شيء على تارك طواف الوداع، وحكي عن الشافعي كقولنا في طواف الوداع، وكقوله في طواف القدوم – انتهى. وعد النووي في مناسكه طواف القدوم من السنن والوداع من الواجبات. وصرح الدردير بوجوب طواف القدوم، وصرح أتباع الأئمة الثلاثة في فروعهم أن القارن حكمه حكم المفرد خلافًا للحنفية، فالقارن عند أتباع الثلاثة يطوف ثلاثة أطوفة كالمفرد، الأول طواف القدوم، والثاني طواف الإفاضة يوم النحر، لكنه عندهم للحج والعمرة كليهما فإنه دخل عمل العمرة في عمل الحج، والثالث طواف الصدر، وأما الحنفية فزادوا على ذلك طواف العمرة وقالوا: طواف الإفاضة هو للحج فقط فصارت أطوفة القارن عندهم أربعة. قال في الهداية في بيان القارن: إذا دخل مكة ابتدأ فطاف بالبيت سبعة أشواط، يرمل في الثلاث الأول منها ويسعى بعدها بين الصفا والمروة، وهذه أفعال العمرة ثم يبدأ بأفعال الحج فيطوف طواف القدوم ويسعى بعده كما بينا في المفرد – انتهى. وقيل الأطوفة للقارن عند الحنفية أيضًا ثلاثة كالمفرد لكن الطواف الأول يوم الورود واللقاء هو للعمرة وتداخل فيه طواف القدوم، والطواف الثاني أي يوم النحر هو للحج فقط. قال الشيخ محمد أنور الكشميري الحنفي: ويمكن أن يقال: إن الطواف الأول يوم القدوم كان للعمرة وتداخل فيه طواف القدوم. وقال الشيخ ثناء الله الفاني فتى في تفسيره: قلت: وذلك الطواف والسعي كان لعمرته وكفاه عن طواف القدوم لحجه – انتهى. ولكن ظاهر حديث عائشة مخالفًا للأحاديث الدالة على تعدد الطواف للمفرد والقارن احتاج الجميع إلى توجيهه وتأويله فقال السندي في حاشيته على البخاري: ظاهر الحديث أنهم إنما اقتصروا من الطوافين الذين طافهما السابقون على أحدهما إما الأول وإما الثاني، وليس الأمر كذلك بل هم أيضًا طافوا الطوافين الأول والثاني جميعًا، ذلك مما لا خلاف فيه، وقد جاء صريحًا عن ابن عمر، ففي صحيح مسلم عنه " وبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج، إلى أن قال: " وطاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم مكة، إلى أن قال: ونحر هديه يوم النحر وأفاض وطاف بالبيت وفعل مثل ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهدى وساق الهدي من الناس. ثم ذكر عن عائشة أنها أخبرت بمثل ذلك، وسيجيء هذا الحديث في البخاري أيضًا في باب سوق البدن، فالمراد كما سبق أنهم طافوا للركن طوافًا واحدًا والسابقون طافوا للركن طوافين، وقال أيضًا: قوله ((وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا)) أي ما طافوا طواف الفرض إلا طوافًا واحدًا هو طواف الإفاضة، والذي طافوا أولاً كان طواف القدوم الذي هو من السنن لا من الفرائض بخلاف الذين حلوا فإنهم طافوا أولاً فرض العمرة ثم فرض الحج فطافوا طوافين للفرض، ولم يرد أن الذين جمعوا ما طافوا أولاً حين القدوم أو ما طافوا آخرًا بعد الرجوع من منى كما يفيده ظاهر الكلام

<<  <  ج: ص:  >  >>