للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.............................................................................................

ــ

جمهور العلماء، منهم مالك والشافعي وأحمد في أصح الروايتين. الثاني: أن على كل واحد منهما سعيين وطوافين وهذا مذهب أبي حنيفة. الثالث: أنهما معًا يكفيهما طواف واحد وسعي واحد، وهو مروي عن الإمام أحمد كما تقدم في كلام ابن القيم، أما الجمهور المفرقون بين القارن والمتمتع القائلون بأن القارن يكفي لحجه وعمرته طواف زيارة واحد وهو طواف الإفاضة، وسعي واحد، فاحتجوا بأحاديث صحيحة ليس مع مخالفيهم ما يقاومها، منها حديث عائشة الذي نحن في شرحه، فإن قولها " وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا، نص صريح دال على اكتفاء القارن بطواف واحد لحجه وعمرته، وقال ابن القيم: إن المراد بالطواف في حديث عائشة هذا هو الطواف بين الصفا والمروة، وله وجه من النظر كما سيأتي، وقد أجاب الحنفية عن هذا الحديث بوجوه، منها أن روايات عائشة في حجتها وحجته - صلى الله عليه وسلم - مضطربة. قال العيني: أحاديث عائشة في هذا الباب مضطربة جدًا لا يتم بها الاستدلال لأحد من الخصوم، ثم ذكر بعض الاختلاف، قالوا: فيشكل على حديثها المدار في مثل هذه المسألة، قلت: حديث عائشة هذا صحيح ثابت اتفق عليه الشيخان، وهو نص في المسألة، وقد تقدم وجه الجمع بين ما يتوهم من الاختلاف في بعض رواياتها فرده بادعاء الاضطراب فيه أمر قبيح جدًا، ومنها ما تقدم عن الطحاوي، وقد تقدم الجواب عنه في كلام الحافظ. ومن الأحاديث التي استدل بها الجمهور ما رواه مسلم في صحيحه من طريق طاوس عن عائشة أنها أهلت بعمرة فقدمت ولم تطف بالبيت حتى حاضت فنسكت المناسك كلها وقد أهلت بالحج فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: يسعك طوافك لحجك وعمرتك – الحديث. ففي هذا الحديث الصحيح التصريح بأنها كانت محرمة أولاً بالعمرة ومنعها الحيض من الطواف فلم يمكنها أن تحل بعمرة فأهلت بالحج مع عمرتها الأولى فصارت قارنة، ومع كونها قارنة صرح بأنها يكفيها لهما طواف واحد. وروى مسلم أيضًا من طريق مجاهد عن عائشة أنها حاضت بسرف فتطهرت بعرفة فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك- انتهى. وهذا الحديث الصحيح صريح في أن القارن يكفيه لحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد ومنها حديث ابن عمر عند الشيخين، روى البخاري من طريق أيوب عن نافع أن ابن عمر دخل ابنه عبيد الله بن عبد الله وظهره في الدار فقال: إني لا آمن أن يكون العام بين الناس قتال فيصدوك عن البيت فلو أقمت، فقال: قد خرج رسول الله عليه وسلم فحال كفار قريش بينه وبين البيت، فإن حيل بيني وبينه أفعل كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} (٣٣: ٢١) ثم قال: أشهدكم أني أوجبت مع عمرتي حجًا. قال: ثم قدم فطاف لهما طوافًا واحدًا – انتهى. وفيه دليل على أن القارن يكفيه طواف واحد لحجته وعمرته وأجاب بعض الحنفية عنه بأنه ليس بصريح في اكتفاء القارن بطواف واحد فإنه يحتمل أن يكون المراد بقوله " طوافًا واحدًا أي طاف لكل منهما طوافًا يشبه الطواف الذي للآخر، وكذا أولوا رواية عائشة المتقدمة كما سبق وفيه أنه يرفع ...

<<  <  ج: ص:  >  >>