للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

هذا الاحتمال قوله في الرواية الآتية " ورأى أنه قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول " وتأوله بعضهم بأن المراد أنه طاف للقدوم طوافًا واحدًا يعني أنه اكتفى قبل النحر بطوافه للقدوم في العمرة وكان هذا الطواف في الأصل للعمرة وتداخل فيه طواف القدوم فلم يعده، ثم طاف يوم النحر طوافًا للحج، وتأوله بعضهم بأن المراد أنه طاف طوافًا واحدًا للحل منهما جميعًا حيث لم يتحلل بعد أفعال العمرة يعني أنه طاف للإحلال منهما طوافًا واحدًا هو طواف الإفاضة، ولا يخفى ما في هذين التأويلين من التكلف والتعسف. وروى البخاري من طريق الليث عن نافع أن ابن عمر أراد الحج عام نزل الحجاج بابن الزبير فقيل له: إن الناس كائن بينهم قتال وإنا نخاف إن يصدوك، فقال {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} إذًا أصنع كما صنع رسول الله عليه وسلم، إني أشهدكم أني قد أوجبت عمرة، ثم خرج حتى إذا كان بظاهر البيداء قال: ما شأن الحج والعمرة إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت حجًا مع عمرتي وأهدى هديًا اشتراه بقديد، ولم يزد على ذلك فلم ينحر ولم يحل من شيء حرم منه ولم يحلق ولم يقصر حتى كان يوم النحر فنحر وحلق ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول. وقال ابن عمر: كذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - – انتهى. وفي هذه الرواية التصريح من ابن عمر باكتفاء القارن بطواف واحد، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك فعل. قال الكرماني في شرح هذا الحديث: يعني أنه لم يكرر الطواف للقران بل اكتفى بطواف واحد. وقال الحافظ: قوله " بطوافه الأول " أي الذي طافه يوم النحر للإفاضة – انتهى. وقال السندي في حاشيته على البخاري: قوله " بطوافه الأول " أي بأول طواف طافه بعد النحر والحلق فإنه هو ركن الحج عندهم لا الذي طافه حين القدوم، وإن كان هو المتبادر من اللفظ فإنه للقدوم وليس بركن للحج، والله تعالى أعلم، وأجاب عنه بعض الحنفية بأن المراد به طواف القدوم كما هو المتبادر، وأن هذا الطواف الواحد أجزأ عن طواف القدوم للحج وطواف العمرة جميعًا، ثم طاف طواف الإفاضة يوم النحر ولم يذكره في الرواية وهو مراد ألبتة وإن تركه الرواي. قالوا: ويدل عليه قوله " وكذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل كذلك حيث طاف يوم القدوم، وأجزأ ذلك الطواف الأول عن القدوم والعمرة جميعًا ثم طاف يوم النحر، وفيه أنه يلزم على هذا التأويل أن ابن عمر أو من دونه قد أخل بذكر طواف الزيارة الذي هو ركن الحج لا يتم الحج إلا به، وذكر ما يستغنى عنه، وفيه أيضًا أنه قد ثبت عنه طواف الإفاضة في رواية سالم عنه عند الشيخين حيث قال: "بدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج " إلى أن قال " وطاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم مكة إلى أن قال " ونحر هديه يوم النحر وأفاض وطاف بالبيت وفعل مثل ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهدى وساق الهدي من الناس، ثم ذكر عن عائشة أنها أخبرت بمثل ذلك. قلت: واستدل بظاهر حديث لمالك فيما ذهب إليه من إجزاء طواف القدوم عن طواف الإفاضة لمن تركه جاهلاً أو نسيه. قال الحافظ: وتوهم بعضهم أنه أراد طواف القدوم. وقال ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>