للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.............................................................................................

ــ

المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة وقد تم حجنا وعلينا الهدي-الحديث، وأخرجه أيضًا الإسماعيلي في مستخرجه، ومن طريقه البيهقي في سننه (ج ٥: ص ٢٣) وإسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح، وهو صريح في سعي المتمتع مرتين ومنها حديث عائشة المتقدم فإن قولها " فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافًا (آخر) بعد أن رجعوا من منى (لحجهم) وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا، يدل على الفرق بين القارن والمتمتع، وأن القارن يفعل كفعل المفرد والمتمتع يطوف لعمرته ويطوف لحجه، وقال بعض أهل العلم قول عائشة عن الذين أهلوا بالعمرة " ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم " تعني به الطواف بين الصفا والمروة على أصح الأقوال في تفسير هذا الحديث وأما قول من قال إنها أرادت بذلك طواف الإفاضة فليس بصحيح لأن طواف الإفاضة ركن في حق الجميع وقد فعلوه، وإنما المراد بذلك ما يخص المتمتع وهو الطواف بين الصفا والمروة مرة ثانية بعد الرجوع من منى. وأما من قال إن المتمتع كالقارن يكفيه طواف واحد وسعي واحد وهو رواية عن الإمام أحمد فقد استدل بما رواه مسلم في صحيحه عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لم يطوفوا بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا طوافهم الأول. قالوا: فهذا نص صحيح صرح فيه جابر بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يطف هو ولا أصحابه إلا طوافًا واحدًا، ومعلوم أن أصحابه فيهم القارن، وهو من كان معه الهدي، وفيهم المتمتع، وهو من لم يكن معه هدي، وإذًا ففي هذا الحديث الصحيح الدليل على استواء القارن والمتمتع في لزوم طواف واحد وسعي واحد، وأجاب المخالفون عن هذا بأجوبة، الأول: هو أن الجمع واجب إن أمكن، قالوا: وهو ها هنا ممكن بحمل حديث جابر هذا على أن المراد بأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يطوفوا إلا طوافًا واحدًا للعمرة والحج خصوص القارنين منهم كالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهم الذين ساقوا الهدي فإنهم بقوا على إحرامهم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى حلوا من الحج والعمرة جميعًا، والقارن بين الحج والعمرة ليس عليه إلا سعي واحد كما دل عليه حديث جابر وغيره من الأحاديث الصحيحة وإن حمل حديث جابر على هذا كان موافقًا لحديث عائشة وحديث ابن عباس المتقدمين وبذلك يزول التعارض ويحصل العمل بالأحاديث كلها. الجواب الثاني: أنا لو سلمنا أن الجمع غير ممكن هنا في حديث جابر مع حديث عائشة وحديث ابن عباس كما جاء في ما رواه مسلم من طريق زهير عن أبي الزبير عن جابر قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهلين بالحج معنا النساء والولدان فلما قدمنا مكة طفنا بالبيت وبالصفا والمروة فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من لم يكن معه الهدي فليحلل. قال، قلنا: أي الحل؟ قال: الحل كله. قال: فأتينا النساء ولبسنا الثياب ومسسنا الطيب، فلما كان يوم التروية أهللنا بالحج وكفانا الطواف الأول بين الصفا والمروة – الحديث. ولفظ جابر في هذه الرواية لا يمكن حمله على القارنين بحال، لأنه صرح بأنهم حلوا الحل كله وأتوا النساء، ولبسوا الثياب، ومسوا الطيب، وأنهم أهلوا يوم التروية بحج، ومع هذا كله صرح

<<  <  ج: ص:  >  >>