للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

بأنهم كفاهم طوافهم الأول بين الصفا والمروة. ويؤيده ما وقع في حديث جابر عند أحمد (ج ٣: ص ٣٦٢) والطحاوي وأبي داود في باب الإفراد قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لأربع خلون من ذي الحجة فلما طافوا بالبيت وبالصفا والمروة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اجعلوها عمرة إلا من كان معه الهدي، فلما كان يوم التروية أهلوا بالحج فلما كان يوم النحر قدموا فطافوا بالبيت ولم يطوفوا بين الصفا والمروة – انتهى. فإن حديث جابر ينفي طواف المتمتع بعد رجوعه من منى، وحديث عائشة وحديث ابن عباس يثبتانه، وقد تقرر في علم الأصول ومصطلح الحديث أن المثبت مقدم على النافي فيجب تقديم حديث ابن عباس وعائشة بأنهما مثبتان على حديث جابر النافي. الجواب الثالث: أن عدم طواف المتمتع بعد رجوعه من منى الثابت في صحيح مسلم رواه جابر وحده، وطوافه بعد رجوعه من منى رواه في صحيح البخاري وغيره ابن عباس وعائشة، وما رواه اثنان أرجح مما رواه واحد. وأما من قالوا: إن القارن والمتمتع يلزم كل واحد منهما طوافان وسعيان، طواف وسعي للعمرة وطواف وسعي للحج كأبي حنيفة ومن وافقه فقد استدلوا لذلك بأحاديث، فمنها حديث الصبي بن معبد التغلبي عند أبي حنيفة في مسنده رواه عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن الصبي بن معبد قال: أقبلت من الجزيرة حاجًا، إلى أن قال: " فأحببت أن أجمع عمرة إلى حجة فأهللت بهما جميعًا ولم أنس " وفيه " مضيت فطفت طوافًا لعمرتي وسعيت سعيًا لعمرتي ثم عدت ففعلت مثل ذلك، ثم بقيت حرامًا أصنع كما يصنع الحاج " وفي طريق آخر " كنت حديث عهد بنصرانية فقدمت الكوفة أريد الحج في زمان عمر بن الخطاب" وفيه " فلما قدم الصبي مكة طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة لعمرته ثم رجع حرامًا لم يحل من شيء ثم طاف بالبيت وبين الصفا والمروة لحجته " وفيه " فضرب عمر على ظهره وقال: هديت لسنة نبيك - صلى الله عليه وسلم - " وقال ابن حزم في المحلى (ج ٧: ص ١٧٥) : روينا من طريق حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أن الصبي بن معبد التغلبي قرن بين العمرة والحج فطاف طوافين وسعى سعيين ولم يحل بينهما وأهدى وأخبر بذلك عمر بن الخطاب فقال: هديت لسنة نبيك - صلى الله عليه وسلم -، وأجيب عن ذلك بأن إبراهيم النخعي لم يدرك الصبي ولا سمع منه ولا أدرك عمر فهو منقطع، وقد رواه الثقات مجاهد ومنصور عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن الصبي فلم يذكروا فيه طوافًا ولا طوافين ولا سعيًا ولا سعيين أصلاً، وإنما فيه قرن بين الحج والعمرة فقط، قاله ابن حزم في المحلى. قلت: رواه أبو داود والنسائي عن منصور، وابن ماجة عن الأعمش كلاهما عن أبي وائل عن الصبي بن معبد قال: أهللت بهما معًا، فقال عمر: هديت لسنة نبيك – انتهى. وكذا رواه مختصرًا أحمد وإسحاق بن راهويه وأبو داود الطيالسي في مسانيدهم وابن أبي شيبة في مصنفه وابن حبان في صحيحه والدارقطني في العلل. فرواية النخعي عن الصبي بن معبد لا يصح الاحتجاج بها لكونها منقطعة، ومنها حديث علي أخرجه النسائي في سننه الكبرى في مسند على من طريق حماد بن عبد الرحمن الأنصاري عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية

<<  <  ج: ص:  >  >>