للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل، ثم ليهل بالحج وليهد، فمن لم يجد هديًا فليصم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله ".

ــ

وافقهم في أن سوق الهدي لا يمنع التحلل عندهم، وقد تقدم بيانه في شرح حديث عائشة (ولمن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت) أي طواف العمرة (وليقصر) بتشديد الصاد. قال النووي: معناه أنه يفعل الطواف والسعي والتقصير ويصير حلالاً، وهذا دليل على أن الحلق أو التقصير نسك وهو الصحيح. وقيل استباحة محظور. قال: وإنما أمره بالتقصير دون الحلق مع أن الحلق أفضل ليبقى له شعر يحلقه في الحج (وليحلل) قال القاري: أي ليخرج من إحرام العمرة باستمتاع المحظورات. وقال الحافظ: هو أمر معناه الخبر، أي قد صار حلالاً فله فعل كل ما كان محظورًا عليه في الإحرام، ويحتمل أن يكون أمرًا على الإباحة لفعل ما كان عليه حرامًا قبل الإحلال (ثم ليهل بالحج) أي يحرم وقت خروجه إلى عرفة، ولهذا أتى بـ ثم الدالة على التراخي فلم يرد أنه يهل بالحج عقب إحلاله من العمرة (وليهد) أي ليذبح الهدي يوم النحر بعد الرمي قبل الحلق وهو هدي التمتع وهو واجب بشروطه المذكورة في كتب الفقه (فمن لم يجد هدايًا) أي لم يجد الهدي بذلك المكان ويتحقق له ذلك بأن يعدم الهدي أو يعدم ثمنه حينئذ أو يجد ثمنه لكن يحتاج إليه لأهم من ذلك، أو يجده لكن يمتنع صاحبه من بيعه أو يمتنع من بيعه إلا بغلائه فينتقل إلى الصوم كما هو نص القرآن، كذا في الفتح. وفسر الحنفية العجز من الهدي بأن لا يكون في ملكه فضل عن كفاف قدر ما يشتري به الدم ولا هو أي الدم في ملكه (ثلاثة أيام في الحج) قال القاري: أي في أشهره قبل يوم النحر، والأفضل أن يكون آخرها يوم عرفة. وقال الحافظ: أي بعد الإحرام به. قال النووي: هذا هو الأفضل وإن صامها قبل الإهلال بالحج أجزأه على الصحيح. وأما قبل التحلل من العمرة فلا على الصحيح، وجوزه الثوري وأصحاب الرأي، وعلى الأول فمن استحب صيام عرفة بعرفة قال: يحرم يوم السابع ليصوم السابع والثامن والتاسع، وإلا فيحرم يوم السادس ليفطر بعرفة، فإن فاته الصوم قضاه، وقيل: يسقط ويستقر الهدي في ذمته وهو قول الحنفية، وفي صوم أيام التشريق لهذا قولان للشافعية، أظهرهما: لا يجوز. قال النووي: وأصحهما من حيث الدليل الجواز – انتهى. (وسبعة إذا رجع إلى أهله) قال القاري: أي توسعة ولو صام بعد أيام التشريق بمكة جاز عندنا – انتهى. فالرجوع إلى الأهل عند الحنفية كناية عن الفراغ عن أفعال الحج. وقال النووي: أما صوم السبعة فيجب إذا رجع. وفي المراد بالرجوع خلاف، الصحيح في مذهبنا أنه إذا رجع إلى أهله، وهذا هو الصواب لهذا الحديث الصحيح الصريح، والثاني إذا فرغ من الحج ورجع إلى مكة من منى. وهذان القولان للشافعي ومالك، وبالثاني قال أبو حنيفة – انتهى. قلت: اختلفوا في تفسير قوله تعالى: {وسبعة إذا رجعتم} فقيل: إذا رجعتم إلى أهليكم، وهو أحد قولي الشافعي، أو إذا نفرتم وفرغتم من أعمال الحج ورجعتم إلى مكة وهو قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>