٢٥٨١ – (٣) وعن عبد الله بن عمر، قال: تمتع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، فساق معه الهدي من ذي الحليفة، وبدأ فأهل بالعمرة، ثم أهل بالحج، فتمتع الناس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعمرة إلى الحج، فكان من الناس من أهدى، ومنهم من لم يهد، فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة قال للناس:" من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه،
ــ
يصرح برده، والمختار فيه ما تقدم ذكره جمعًا بين الأحاديث كلها. وأما ركوبه في الطواف بالبيت فكان في طواف الإفاضة. ويكون قول جابر المتقدم في هذا الفصل " طاف على راحلته بالبيت وبين الصفا والمروة " محمولاً على طواف الإفاضة والسعي بعد طواف القدوم وجمع بينهما لوقوع الركوب فيهما – انتهى. (متفق عليه) وأخرجه أيضًا أحمد ومالك وأبو داود والنسائي وغيرهم.
٢٥٨١- قوله (تمتع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج) قد تقدم في شرح حديث ابن عمر في باب الإحرام والتلبية أن المراد بالتمتع ها هنا المعنى اللغوي وهو الانتفاع والالتذاذ، ولا شك أن ذلك في القران بوجود الاكتفاء عن النسكين بنسك، فالقارن متمتع من حيث اللغة ومن حيث المعنى، لأنه ترفيه باتحاد الميقات والإحرام والفعل. قال القاري: ظاهر هذا الحديث أنه أحرم بالعمرة أولاً ثم أحرم بالحج، ويدل عليه قوله " وبدأ فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج " مع أنه ورد صريحًا في أحاديث أنه أحرم بالحج ثم أحرم بالعمرة فكيف يصار إليه؟ ولو ثبت لكان معارضًا، فالذي أدين الله تعالى به أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يبتدئ بالعمرة بعد فرض الحج عليه في أول الوهلة، وقد اعتمر مرارًا بعد الهجرة، فالصواب أنه كان قارنًا أولاً، ومعنى قوله " بدأ فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج" أنه لما جمع بين النسكين قد ذكر العمرة على الحج لأنه الوجه المسنون في القران دون العكس ثم كان أكثر ما يذكر في إحرامه الحج لأنه الأصل المفروض والسنة تابعة – انتهى. (فساق معه الهدي من ذي الحليفة) أي من الميقات، وفيه الندب إلى سوق الهدي من المواقيت من الأماكن البعيدة، وهي من السنن التي أغفلها كثير من الناس، قاله الحافظ (فتمتع الناس) قال القاري: أي أكثرهم هذا التمتع بالجمع اللغوي بالجمع بين العبادتين (مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعمرة إلى الحج) أي بضمها إليه (فكان من الناس) أي الذين أحرموا بالعمرة (من أهدى) وعند الشيخين بعده " فساق الهدي " (فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة قال للناس) أي المعتمرين (من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه) فيه حجة على الشافعية ومن