للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال عطاء: قال جابر: فقدم علي من سعايته، فقال: بم أهللت؟ قال: بما أهل به النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " فأهد وامكث حرامًا ". قال: وأهدى له علي هديًا. فقال سراقة بن مالك بن جعشم: يا رسول الله! ألعامنا هذا أم لأبد؟ قال: " لأبد ". رواه مسلم.

٢٥٨٤ – (٦) وعن عائشة، أنها قالت: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأربع مضين من ذي الحجة أو خمس، فدخل علي وهو غضبان، فقلت: من أغضبك يا رسول الله! أدخله الله النار. قال: " أو ما شعرت أني أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون، ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي معي حتى أشتريه،

ــ

((فأحللنا حتى وطئنا النساء وفعلنا ما يفعل الحلال)) (فقدم عليَّ من سِعايته) بكسر السين أي من عمله من القضاء وغيره في اليمن، وقد سبق بيان معناه في شرح حديث جابر الطويل نقلاً عن القاضي عياض والنووي (فأهد) أمر من الإهداء أي في وقت الهدي دم القران (وامكث) أي الآن (حرامًا) أي محرمًا (قال) أي جابر (وأهدى) أي أتى بالهدي (له عليّ هديًا) أي من اليمن كما سبق (ألعامنا هذا؟) أي جواز العمرة في أشهر الحج أو جواز فسخ الحج إلى العمرة مختص بهذه السنة أم لأبد؟ والأول قول الجمهور، والثاني قول أحمد، وقد سبق الكلام في ذلك مفصلاً (رواه مسلم) وأخرجه أيضًا أحمد والبخاري وأبو نعيم في المستخرج وأبو داود والنسائي وابن ماجة والطحاوي والحاكم والبيهقي والطيالسي وغيرهم مختصرًا ومطولاً بألفاظ مختلفة.

٢٥٨٤- قوله قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأربع) أي ليال (أو خمس) شك منها أو من الراوي عنها. وقد تقدم في حديث جابر أنه - صلى الله عليه وسلم - قدم صبح رابعة مضت من ذي الحجة (فدخل علَيَّ وهو غضبان) أي ملآن من الغضب حين تأخر بعض أصحابه في فسخ الحج إلى العمرة. قال النووي: أما غضبه - صلى الله عليه وسلم - فلانتهاك حرمة الشرع وترددهم في قبول حكمه وقد قال الله تعالى {فلا وربك لا يؤمنون حنى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا} (٤: ٦٥) فغضب - صلى الله عليه وسلم - لما ذكرناه من انتهاك حرمة الشرع والحزن عليهم في نقص إيمانهم بتوقفهم، وفيه دلالة لاستحباب الغضب عند انتهاك حرمة الدين (أدخله الله النار) دعاء أو إخبار. وفيه جواز الدعاء على المخالف لحكم الشرع (قال: أو ما شعرتِ) أي أو ما عملتِ (أني أمرت الناس) أي بعضهم وهم الذين أحرموا بالحج مفردًا أو أحرموا بالحج والعمرة قرانًا ولم يكن معهم هدي (بأمر) وهو فسخ الحج (فإذا هم يترددون) أي في طاعة الأمر ومسارعته، أو في أن هذه الإطاعة هل هي نقصان بالنسبة إلى حجهم، قاله القاري (حتى اشتريه) أي الهدي بمكة أو في

<<  <  ج: ص:  >  >>