الطواف فلا يحل لها أن تطوف حتى تطهر فإن طافت كانت عاصية مستحقة لعقاب الله تعالى ولزمها الإعادة (ثم طاف بالبيت) أي طواف القدوم، قاله الطيبي. وقال القاري: أي طواف العمرة لكونه قارنًا أو متمتعًا ولا يخفى ما فيه. وقال في اللباب: ثم إن كان المحرم مفردًا بالحج وقع طوافه هذا للقدوم، وإن كان مفردًا بالعمرة أو متمتعًا أو قارنًا وقع عن طواف العمرة نواه له أو لغيره، وعلى القارن أن يطوف طوافًا آخر للقدوم – انتهى. قال القاري: أي استحبابًا بعد فراغه عن سعي العمرة – انتهى. وأول وقته حين دخوله مكة وآخره قبل وقوفه بعرفة فإذا وقف فقد فات وقته ويسن هذا الطواف للآفاقي لأنه القادم ويسمي أيضًا طواف التحية لأنه بمنزلة تحية المسجد شرع تعظيمًا للبيت ويسمى طواف اللقاء وطواف أول عهد بالبيت وطواف الورود. والحديث يدل على مشروعية طواف القدوم ولا اختلاف فيه. قال الحافظ: في هذا الحديث استحباب الابتداء بالطواف للقادم لأنه تحية المسجد الحرام. واستثنى بعض الشافعية ومن وافقه المرأة الجميلة أو الشريفة التي لا تبرز فيستحب لها تأخير الطواف إلى الليل إن دخلت نهارًا، وكذا من خاف فوت مكتوبة أو جماعة مكتوبة أو مؤكدة أو فائتة، فإن ذلك كله يقدم على الطواف، وذهب الجمهور إلى أن من ترك طواف القدوم لا شيء عليه، وعن مالك وأبي ثور من الشافعية عليه دم، وهل يتداركه من تعمد تأخيره بغير عذر؟ وجهان كتحية المسجد. وقال النووي: جميع العلماء يقولون إن طواف القدوم سنة ليس بواجب إلا بعض أصحابنا ومن وافقه فيقولون واجب يجبر تركه بالدم، والمشهور أنه سنة ليس بواجب ولا دم في تركه – انتهى. وقال الشوكاني: قد اختلف في وجوب طواف القدوم فذهب مالك وأبو ثور وبعض أصحاب الشافعي إلى أنه فرض أي واجب لقوله تعالى {وليطوفوا بالبيت العتيق}(٢٢: ٢٩) ولفعله - صلى الله عليه وسلم - وقوله:" خذوا عني مناسككم " فذهب الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد إلى أنه سنة، قالوا لأنه ليس فيه إلا فعله - صلى الله عليه وسلم - وهو لا يدل على الوجوب. وأما الاستدلال على الوجوب بالآية فقال شارح البحر: إنها لا تدل على طواف القدوم لأنها في طواف الزيارة أي الإفاضة إجماعًا، قال الشوكاني: والحق الوجوب لأن فعله - صلى الله عليه وسلم - مبين لمجمل واجب هو قوله تعالى:{ولله على الناس حج البيت}(٣: ٩٧) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: خذوا عني مناسككم. وقوله: حجوا كما رأيتموني أحج. وهذا الدليل يستلزم وجوب كل فعل فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجه إلا ما خصه دليل، فمن ادعى عدم وجوب شيء من أفعاله في الحج فعليه الدليل على ذلك، وهذه كلية فعليك بملاحظتها في جميع الأبحاث التي ستمر بك (ثم لم تكن) بالتأنيث (عمرة) بالرفع وكان تامة، أي لم يوجد بعد الطواف عمرة، وقد ينصب أي لم يكن الطواف عمرة، كذا في اللمعات. وقال الحافظ: معنى قوله " ثم لم تكن عمرة " أي لم تكن الفعلة عمرة هذا إن كان بالنصب على أنه خبر كان، ويحتمل أن تكون كان تامة والمعنى: ثم لم تحصل عمرة، وهي على هذا بالرفع، وقد وقع في رواية مسلم بدل عمرة " غيره " بغين معجمة وياء ساكنة وآخره هاء، قال عياض: وهو