٢٥٩٠ – (٦) وعن جابر، قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة، أتى الحجر فاستلمه، ثم مشى على يمينه،
ــ
أهل العلم في حكم السعي على ثلاثة أقوال، أحدها: أنه ركن لا يصح الحج، إلا به، وهو قول ابن عمر وعائشة وجابر، وبه قال الشافعي ومالك في المشهور، وأحمد في أصح الروايتين عنه، وإسحاق وأبو ثور، والقول الثاني: أنه واجب يجبر بدم، وبه قال الثوري وأبو حنفية ومالك في العتبية كما حكاه ابن العربي، والثالث: أنه ليس بركن ولا واجب بل هو سنة ومستحب، وهو قول ابن عباس وابن سيرين وعطاء ومجاهد وأحمد في رواية، قال الحافظ في الفتح بعد ذكر الأقوال الثلاثة المذكورة: واختلف عن أحمد كهذه الأقوال الثلاثة، وعند الحنفية تفصيل فيما إذا ترك بعض السعي كما هو عندهم في الطواف بالبيت. وقال ابن قدامة: اختلفت الرواية في السعي، فرُوي عن أحمد أنه ركن لا يتم الحج إلا به، وهو قول عائشة وعروة ومالك والشافعي لما رُوي عن عائشة، قالت: طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطاف المسلمون يعني بين الصفا والمروة فكانت سنة، ولعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة، رواه مسلم. ثم ذكر حديث صفية بنت شيبة الآتي من رواية ابن ماجة وفيه " سمعته يقول: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي ". وسيأتي الكلام عليه، ورُوي عن أحمد أنه سنة لا يجب بتركه دم، رُوي ذلك عن ابن عباس وأنس وابن الزبير وابن سيرين، لقول الله تعالى {فلا جناح أن يطوف بهما}(٢: ١٨٥) ونفي الحرج عن فاعله دليل على عدم وجوبه، فإن هذا رتبة المباح وإنما تثبت سنيته بقوله " من شعائر الله " ورُوي أن في مصحف أُبيّ وابن مسعود " فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ". وهذا إن لم يكن قرآنًا فلا ينحط عن رتبة الخبر لأنهما يرويانه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال القاضي: هو واجب وليس بركن، إذا تركه وجب عليه دم، وهو مذهب الحسن وأبي حنيفة والثوري، وهو أولى، لأن دليل من أوجبه دل على مطلق الوجوب لا على كونه لا يتم الحج إلا به، وقول عائشة في ذلك معارض بقول من خالفها من الصحابة، وحديث صفية بنت شيبة عن أبي تجراة، قال ابن المنذر: يرويه عبد الله بن المؤمل وقد تكلموا في حديثه، ثم هو يدل على أنه مكتوب وهو الواجب وأما الآية فإنها نزلت لما تحرج ناس من السعي في الإسلام لما كانوا يطوفون بينهما في الجاهلية لأجل صنمين كانا على الصفا والمروة، كذلك قالت عائشة – انتهى. وسيأتي مزيد الكلام في مسألة السعي في شرح حديث صفية بنت شيبة عن بنت أبي تجراة (رواه مسلم) . قال صاحب تنقيح الرواة: أخرجه أيضًا أحمد والبخاري ثلاثتهم في حديثين، فالحديث متفق عليه، أخرجه البيهقي كذلك.
٢٥٩٠- قوله (لما قدم مكة أتى الحجر) أي الأسود وهو في ركن الكعبة القريب بباب البيت من جانب الشرق وارتفاعه من الأرض ذراعان وثلثا ذراع (فاستلمه) أي لمسه وقبله (ثم مشى على يمينه) أي يمين نفسه مما يلي الباب،