للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا طاف بين الصفا والمروة.

ــ

اسم موضع بين الصفا والمروة، وجعل علامته بالأميال الخضر – انتهى. والميلان الأخضران هما العلمان، أحدهما بركن المسجد والآخر بالموضع المعروف بدار العباس، وقد أزيلت الدار للتوسعة، وهما بعد العمارة الجديدة بجداري المسعى. قال النووي: السعي ببطن المسيل مجمع على استحبابه وهو أنه إذا سعى بين الصفا والمروة استحب أن يكون سعيه شديداً في بطن المسيل وهو قدر معروف. وقال ابن قدامة: إن الرمل في بطن الوادي سنة مستحبة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سعى وسعى أصحابه فروت صفية بنت شيبة عن أم ولد شيبة قالت: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسعى بين الصفا والمروة ويقول: لا يقطع الأبطح إلا شدًا. وليس ذلك بواجب، ولا شيء على تاركه، فإن ابن عمر قال: إن أسع بين الصفا والمروة فقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسعى، وإن أمش فقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي وأنا شيخ كبير، رواهما ابن ماجة وروى هذا أبو داود، ولأن ترك الرمل في الطواف بالبيت لا شيء فيه فبين الصفا والمروة أولى – انتهى. وكذلك عند الحنفية والمالكية كما صرح به في فروعهم. تنبيه: قيل في وجه مشروعية السعي الشديد والجري في بطن الوادي: ما رواه البخاري عن ابن عباس، ومحصله: أن هاجر لما تركها إبراهيم عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد عطشت وعطش ابنها حين نفد ما في السقاء من الماء وانقطع درها واشتد جوعهما حتى نظرت إلى ابنها يتشحط ويتلوى، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فقامت على الصفا وهو أقرب جبل يليها، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدًا، فلم تر أحدًا، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدًا، فلم تر أحدًا، ففعلت ذلك سبع مرات. قال ابن عباس: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فلذلك سعى الناس بينهما. فجعل ذلك نسكًا إظهارًا لشرفهما وتفخيمًا لأمرهما. قال الشاه ولي الله الدهلوي: السر في السعي بين الصفا والمروة على ما ورد في الحديث أن هاجر أم إسماعيل عليه السلام لما اشتد بها الحال سعت بينهما سعي الإنسان المجهود فكشف الله عنهما الجهد بإبداء زمزم وإلهام الرغبة في الناس أن يعمروا تلك البقعة، فوجب شكر تلك النعمة على أولاده ومن تبعهم، وتذكر تلك الآية الخارقة لتبهت بهيمتهم وتدلهم على الله، ولا شيء في هذا مثل أن يعضد عقد القلب بهما بفعل ظاهر منضبط مخالف لمألوف القوم فيه تذلل عند أول دخولهم مكة، وهو محاكاة ما كانت فيه من العناء والجهد، وحكاية الحال في مثل هذا أبلغ بكثير من لسان المقال – انتهى. وروى أحمد عن ابن عباس أن إبراهيم عليه السلام لما أمر بالمناسك عرض الشيطان له عند السعي فسابقه فسبقه إبراهيم. وقبل: إنما سعى نبينا - صلى الله عليه وسلم - إظهارًا للجلد والقوة للمشركين الناظرين إليه في الوادي، وهذا كان في عمرة القضاء، ثم بقي بعده كالرمل في الطواف إذ لم يبق في حجة الوداع مشرك بمكة (إذا طاف بين الصفا والمروة) أي سعى بينهما، واختلف

<<  <  ج: ص:  >  >>