٢٥٩٢ – (٨) وعن ابن عمر، قال: لم أر النبي - صلى الله عليه وسلم - يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين.
ــ
التقبيل بعده – انتهى. والمراد أن يستلمه بيمينه فإن عجز فبيساره أي يمسحه بها (ويقبله) قال الشوكاني: فيه دليل على أنه يستحب الجمع بين استلام الحجر وتقبيله، والاستلام المسح باليد والتقبيل لها، كما في حديث نافع، قال: رأيت ابن عمر استلم الحجر بيده ثم قبل يده، وقال: ما تركته منذ رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله. قال الحافظ: يستفاد منه استحباب الجمع بين الاستلام والتقبيل بخلاف الركن اليماني فيستلمه فقط. والاستلام المسح باليد. والتقبيل يكون بالفم فقط. وروى الشافعي من وجه آخر عن ابن عمر قال: استقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - الحجر فاستلمه ثم وضع شفتيه عليه طويلاً يبكي – الحديث. واختص الحجر الأسود بذلك لاجتماع الفضيلتين له كما تقدم. وقال الطبري بعد ذكر رواية الشافعي: والعمل على هذا عند أهل العلم في كيفية التقبيل من غير تصويت كما يفعله كثير من الناس. وقال الحافظ: المستحب في التقبيل أن لا يرفع به صوته، وروى الفاكهي عن سعيد بن جبير قال: إذا قبلت الركن فلا ترفع بها صوتك كقبلة النساء – انتهى. قلت: أباح التقبيل بالصوت غير واحد من المالكية خلافًا للجمهور. (رواه البخاري) وأخرجه أيضًا النسائي وأبو داود الطيالسي والبيهقي وعزاه الحافظ في تهذيبه للترمذي أيضًا كما تقدم، وليس هو قي رواية الكروخي للترمذي.
٢٥٩٢- قوله (لم أر النبي - صلى الله عليه وسلم - يستلم من البيت) أي من أركانه أو من أجزائه (إلا الركنين اليمانيين) أي دون الركنين الشاميين، واليماني بتخفيف الياء على المشهور لأن الألف عوض عن ياء النسب فلو شددت لكان جمعًا بين العوض والمعوض، وجوز سيبويه التشديد وقال: إن الألف زائدة، كذا في الفتح، وقال الشيخ الدهلوي: الأشهر في اليمانيين تخفيف الياء وقد يشدد، والأصل في النسبة يمني، وقد جاء يمان بمعنى النسبة. والمراد بالركنين اليمانيين الركن الأسود والركن اليماني الذي يليه من نحو دور الجمحيين، وإنما قيل لهما اليمانيان للتغليب كما في الأبوين والقمرين والعمرين وأمثالها، والركنان الآخران أحدهما شامي وثانيهما عراقي، ويقال لهما الشاميان تغليبًا. وإنما اقتصر - صلى الله عليه وسلم - على استلام اليمانيين لما ثبت في الصحيحين من قول ابن عمر: أنهما على قواعد إبراهيم دون الشاميين ولهذا كان ابن الزبير بعد عمارته للكعبة على قواعد إبراهيم يستلم الأركان كلها كما روى ذلك عنه الأزرقي في كتاب مكة، فعلى هذا يكون للركن الأول من الأركان الأربعة فضيلتان: كون الحجر الأسود فيه، وكونه على قواعد إبراهيم. وللثاني الثانية فقط. وليس للآخرين أعنى الشاميين شيء منهما فلذلك يقبل الأول ويستلم الثاني فقط، ولا يقبل الآخران ولا يستلمان على رأي الجمهور، وروى ابن المنذر وغيره استلام الأركان جميعًا عن جابر وأنس والحسن والحسين من الصحابة وعن