في الموسم فيشتهر في البلدان المختلفة. وفيه الحث على الاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تقبيله وتنبيه على أنه لولا الاقتداء لما فعله. وقال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: إنما قال ذلك لأن الناس كانوا حديثي عهد بعبادة الأصنام فخشي عمر أن يظن الجهال بأن استلام الحجر هو مثل ما كانت العرب تفعله فأراد عمر أن يعلم أن استلامه لا يقصد به إلا تعظيم الله عز وجل والوقوف عند أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - وأن ذلك من شعائر الحج التي أمر الله بتعظيمها وأن استلامه مخالف لفعل الجاهلية في عبادتهم الأصنام لأنهم كانوا يعتقدون أنها تقربهم إلى الله زلفى، فنبه عمر على مخالفة هذا الاعتقاد، وأنه لا ينبغي أن يعبد إلا من يملك الضرر والنفع وهو الله جل جلاله. وقال المحب الطبري: إن قول عمر ((إنك حجر لا تضر ولا تنفع)) طلب منه للآثار وبحث عنها وعن معانيها، ولما رأى أن الحجر يستلم ولا يعلم له سبب يظهر للحس ولا من جهة العقل ترك فيه الرأي والقياس وصار إلى محض الإتباع كما صنع في الرمل. وقال الخطابي: في قول عمر من العلم أن متابعة السنن واجبة وإن لم يوقف لها على علل معلومة وأسباب معقولة. وأن أعيانها حجة على من بلغته وإن لم يفقه معانيها إلا أن معلومًا في الجملة أن تقبيل الحجر إنما هو إكرام له وإعظام لحقه، وقد فضل الله بعض الأحجار على بعض كما فضل بعض البقاع والبلدان على بعض وكما فضل بعض الليالي والأيام والشهور على بعض، وباب هذا كله التسليم، وهو أمر سائغ في العقول جائز فيها غير ممتنع ولا مستنكر. قال الحافظ في الفتح: في قول عمر هذا التسليم للشارع في أمور الدين وحسن الإتباع فيما لم يكشف عن معانيها، وهو قاعدة عظيمة في إتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يفعله، ولو لم يعلم الحكمة فيه. وفيه دفع ما وقع لبعض الجهال من أن في الحجر الأسود خاصة ترجع إلى ذاته. وفيه بيان السنن بالقول والفعل وأن الإمام إذا خشي على أحد من فعله فساد اعتقاد أن يبادر إلى بيان الأمر ويوضح ذلك. وفيه كراهة تقبيل ما لم يرد الشرع بتقبيله. فائدة: روى الخطيب وابن عساكر عن جابر مرفوعًا ((الحجر يمين الله في الأرض يصافح بها عباده)) . وروى الديلمي في مسند الفردوس عن أنس مرفوعًا ((الحجر يمين الله فمن مسحه فقد بايع الله)) وروى الطبراني في الأوسط عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا ((الحجر يمين الله يصافح بها خلقه)) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: وفيه عبد الله بن المؤمل وثقه ابن حبان وقال: يخطئ وفيه كلام، وبقية رجاله رجال الصحيح. قال الخطابي: ومعنى ((أنه يمين الله في الأرض)) أن من صافحه في الأرض كان له عند الله عهد، فكان كالعهد تعقده الملوك بالمصافحة لمن يريد موالاته والاختصاص به، وكما يصفق على أيدي الملوك للبيعة، وكذلك تقبيل اليد من الخدم للسادة والكبراء فهذا كالتمثيل بذلك والتشبيه به يعني فخاطبهم بما يعهدونه. وقال المحب الطبراني: معناه أن كل ملك إذا قدم عليه الوافد قبل يمينه، ولما كان الحاج والمعتمر أول ما يقدمان يسن لهما تقبيله نزل منزلة يمين الملك ويده، ولله المثل الأعلى وكذلك من صافحه كان له عند الله عهد كما أن الملوك تعطي العهد بالمصافحة، والله أعلم (متفق عليه) وأخرجه