للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهما غاديان من منى إلى عرفة: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: كان يهل منَّا المهل فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر منَّا فلا ينكر عليه.

ــ

أبي بكر بن عوف بن رباح الثقفي الحجازي ثقة تابعي. قال الحافظ في تهذيب التهذيب: روى عن أنس في التهليل والتكبير في الغدو من منى إلى عرفات، وعنه موسى بن عقبة ومالك وشعبة وغيرهم. قال النسائي: ثقة، وقال العجلي: مدني تابعي ثقة – انتهى مختصرًا. وقال في شرح البخاري: ليس لمحمد المذكور في الصحيح عن أنس ولا غيره غير هذا الحديث الواحد، وقد وافق أنسًا على روايته عبد الله بن عمر أخرجه مسلم (وهما غاديان) جملية اسمية حالية، ((وغاديان)) بالغين المعجمة اسم فاعل من غدا يغدو غدوًا، أي ذاهبان غدوة (كيف كنتم تصنعون) أي من الذكر في الطريق (في هذا اليوم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ولمسلم من طريق موسى بن عقبة عن محمد بن أبي بكر: قلت لأنس غداة عرفة: ما تقول في التلبية في هذا اليوم؟ (فقال) أي أنس (كان يهل) أي يلبي (منا المهل) أي الملبي أو الحرم (فلا ينكر عليه ويكبر المكبر فلا ينكر عليه) قال العيني: قوله ((لا ينكر)) على صيغة المعلوم في الموضعين والضمير المرفوع فيه للنبي - صلى الله عليه وسلم - – انتهى. وضبطه الحافظ في الفتح بضم أوله على البناء للمجهول، أي لا ينكر عليه أحد فيقيد التقرير منه - صلى الله عليه وسلم - والإجماع السكوتي من الصحابة رضي الله عنهم. قال الحافظ: في رواية موسى بن عقبة ((فمنا المكبر ومنا المهلل، ولا يعيب أحدنا على صاحبه)) وفي حديث ابن عمر من طريق عبد الله بن أبي سلمة عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه: غدونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منى إلى عرفات منا الملبي ومنا المكبر، وفي رواية له قال يعني عبد الله بن أبي سلمة: فقلت له يعني لعبيد الله: عجبًا لكم كيف لم تقولوا له: ماذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع؟ قال الحافظ: وأراد عبد الله ابن أبي سلمة بذلك الوقوف على الأفضل، لأن الحديث يدل على التخيير بين التكبير والتلبية من تقريره لهم - صلى الله عليه وسلم - على ذلك فأراد أن يعرف ما كان يصنع هو ليعرف الأفضل من الأمرين وقد بينه ما رواه أحمد وابن أبي شيبة والطحاوي من طريق مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله أي ابن مسعود: خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة إلا أن يخلطها بتكبير. قال النووي: في الحديث دليل على استحباب التلبية والتكبير في الذهاب من منى إلى عرفات يوم عرفة والتلبية أفضل. وفيه رد على من قال بقطع التلبية بعد صبح يوم عرفة. وقال الطيبي: هذا رخصة ولا حرج في التكبير بل يجوز كسائر الأذكار، ولكن ليس التكبير في يوم عرفة من سنة الحجاج، بل السنة لهم التلبية إلى رمي جمرة العقبة يوم النحر، وحكى المنذري أن بعض العلماء أخذ بظاهره لكنه لا يدل على فضل التكبير على التلبية، بل على جوازه فقط، لأن غاية ما فيه تقريره - صلى الله عليه وسلم - على التكبير، وذلك لا يدل على استحبابه، فقد قام الدليل الصريح على أن التلبية حينئذٍ أفضل لمدوامته - صلى الله عليه وسلم - عليها. وقال العيني: التكبير المذكور نوع من الذكر أدخله الملبي في خلال التلبية من غير ترك التلبية، لأن المروي عن الشارع أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>