٢٦١٧ – (٢) وعن جابر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " نحرت ها هنا ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم،
ــ
لم يقطع التلبية حتى رمي جمرة العقبة. وقال الخطابي: السنة المشهورة فيه أن لا يقطع التلبية حتى يرمي أو حصاة من جمرة العقبة يوم النحر، وعليها العمل. وأما قول أنس هذا فقيد يحتمل أن يكون تكبير المكبر منهم شيئًا من الذكر يدخلونه في خلال التلبية الثابتة في السنة من غير ترك التلبية – انتهى. قلت: حديث عبد الله بن مسعود المذكور سابقًا نص فيما قاله العيني والخطابي. وقد ترجم البخاري لحديث أنس في العيدين ((باب التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة)) قال الحافظ: قوله ((ويكبر المكبر فلا ينكر عليه)) هذا موضع الترجمة وهو متعلق بقوله فيها ((وإذا غدا إلى عرفة)) وظاهره أن أنسًا احتج به على جواز التكبير في موضع التلبية، ويحتمل أن يكون من كبر، أضاف التكبير إلى التلبية – انتهى. قلت: بل هذا هو المتعين لما سيأتي، ثم ترجم البخاري لحديث أنس أيضًا في الحج ((باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة)) قال الحافظ: أي مشروعيتهما، وغرضه بهذه الترجمة الرد على من قال: يقطع المحرم التلبية إذا راح إلى عرفة، ثم عقد بعد أربعة عشر بابًا ((باب التلبية والتكبير غداة النحر حتى يرمي)) قال الحافظ: المعتمد أنه أشار إلى ما ورد في بعض طرقه كما جرت به عادته، فعند أحمد (ج ١: ص ٤١٧) وابن أبي شيبة والطحاوي من طريق مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله: خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة إلا أن يخلطها بتكبير (متفق عليه) أخرجه البخاري في العيدين وفي الحج، ومسلم في الحج، وأخرجه أيضًا مالك وأحمد والنسائي وابن ماجه والدارمي والبيهقي (ج ٥: ص ١١٧) .
٢٦١٧ – قوله (نحرت ها هنا) إشارة إلى مكان مخصوص في منى نحر فيه، وكذا في عرفات وجمع، والجمع علم للمزدلفة، والظاهر أنه قال كلا من هذه الكلمات في مكانه وجمعها الراوي كذا في اللمعات. وقال ابن حجر: نحرت ها هنا. أي في محل نحره المشهور، وقد بني عليه بناءان كل منهما يسمى مسجد النحر، أحدهما على الطريق والآخر منحرف عنها. وقيل وهو الأقرب من الوصف الذي ذكروه بمحل نحره عليه الصلاة والسلام (ومنى) مبتدأ (كلها) أي كل مواضعها، تأكيد (منحر) أي محل نحر، وهو خبر المبتدأ، والمقصود أن النحر لا يختص بمنحره عليه الصلاة والسلام وهو قريب من مسجد الخيف. قال الشوكاني: قوله ((منى كلها منحر)) يعني كل بقعة منها يصح فيها، وهو متفق عليه، لكن الأفضل النحر في المكان الذي نحر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -، كذا قال الشافعي، ومنحر النبي - صلى الله عليه وسلم - هو عند الجمرة الأولى التي تلي مسجد منى، كذا قال ابن التين. وحد منى من وادي محسر إلى العقبة (فانحروا في رحالكم) المراد بالرحال المنازل