للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال: " أيها الناس عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بالإيضاع ". رواه البخاري.

٢٦٣٠ – (٣) وعنه، أن أسامة بن زيد كان ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى، فكلاهما قال: لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتى رمى جمرة العقبة.

ــ

قوله (عليكم بالسكينة) أي في السير، والمراد السير بالرفق وعدم المزاحمة، يعني لازموا الطمأنينة والرفق وعدم المزاحمة في السير، وعلل ذلك بقوله (فإن البر) أي الخير (ليس بالإيضاع) الإيضاع الإسراع وحمل الخيل والركاب على سرعة السير، يعني الإسراع ليس من البر إذا كثر الناس في الطريق، فإن الإسراع في مثل هذه الحالة أي عند ازدحام الناس في الطريق يؤذيهم بصدمة الدواب والرجال، ولا خير في هذا بل الخير في الذهاب على السكون في مثل هذه الحالة. وقال الحافظ: قوله ((فإن البر ليس بالإيضاع)) أي السير السريع، ويقال هو سير مثل الخبب فبين - صلى الله عليه وسلم - أن تكلف الإسراع في السير ليس من البر أي مما يتقرب به، ومن هذا أخذ عمر بن عبد العزيز قوله لما خطب بعرفة: ليس السابق من سبق بعيره وفرسه ولكن السابق من غفر له. وقال المهلب: إنما نهاهم عن الإسراع إبقاء عليهم لئلا يجحفوا بأنفسهم مع بعد المسافة. وقيل إنما قال - صلى الله عليه وسلم - ذلك أي قوله ((عليكم بالسكينة)) في ذلك الوقت الذي لم يجد فجوة فلا ينافي الحديث السابق. وقال القاري: حاصل ما قال - صلى الله عليه وسلم - أن المسارعة إلى الخيرات والمبادرة إلى المبرات مطلوبة لكن لا على وجه يجر إلى المكروهات وما يترتب عليه من الأذيات، فلا تنافي بينه وبين الحديث السابق (رواه البخاري) وكذا البيهقي (ج ٥: ص ١١٩) وأخرجه أيضًا أحمد (ج ١: ص ٢٥١، ٢٦٩، ٣٥٣) وأبو داود والبيهقي بنحوه.

٢٦٣٠- قوله (وعنه) أي عن ابن عباس (أن أسامة بن زيد كان ردف النبي - صلى الله عليه وسلم -) بكسر الراء وسكون الدال وهو الراكب خلف الراكب كالرديف والمرتدف (ثم أردف الفضل) أي ابن عباس يعني جعله رديفه (فكلاهما) كذا في جميع النسخ من المشكاة، وفي البخاري ((قال (أي ابن عباس) فكلاهما)) أي الفضل بن عباس وأسامة بن زيد (قال) الضمير راجع للفظ فإن ((كلا)) مفرد لفظًا ومثنى معنى وهو أفصح من أن يقال فكلاهما قالا، قال تعالى {كلتا الجنتين آتت أكلها} (١٨: ٣٣) أو المعنى كل واحد منهما قال (لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتى رمى جمرة العقبة) أي شرع في رمي الجمرة أو فرغ منه قولان، ويؤيد الثاني ما وقع في رواية ابن خزيمة كما سيأتي: فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، يكبر مع كل حصاة، ثم قطع التلبية مع آخر حصاة. ويؤيد الأول ما رواه البيهقي بإسناده عن عبد الله قال: ((رمقت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة بأول حصاة)) . قال الحافظ: زاد ابن أبي شيبة من طريق علي بن الحسين عن ابن عباس عن الفضل في هذا الحديث ((فرماها سبع حصيات يكبر مع كل حصاة)) . قال الحافظ: وفي هذا الحديث يعني حديث ابن عباس الذي نحن في شرحه أن التلبية تستمر إلى رمي الجمرة يوم النحر وبعدها يشرع الحاج في التحلل، وروى ابن المنذر بإسناد صحيح أنه كان يقول: التلبية شعار الحج فإن كنت حاجًا فلب حتى بدأ حلك وبدء حلك أن ترمي جمرة العقبة. وروى سعيد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>