٢٦٣٣ - (٦) وعن ابن عباس، قال: أنا ممن قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة المزدلفة في ضعفة أهله.
ــ
اعتبار العموم فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - ما صلى صلاة في غير الوقت المعتاد أبدًا لا بتقديم شيء ولا بتأخيره، لا سفرًا ولا حضرًا سوى هاتين الصلاتين بل كان دائمًا يصلي في وقت واحد، وهذا خلاف ما يعرفه كل أحد بالبديهة وخلاف ما يفيده تتبع الأحاديث وخلاف ما أول به علماؤنا جمع السفر من الجمع فعلاً، فإنه لا يكون إلا بتأخير الصلاة الأولي إلى آخر الوقت، فلزم كونها في الوقت الغير المعتاد، ثم هو مشكل بجمع عرفة أيضًا، وحينئذ فلا بد من القول بخصوص هذا الكلام بذلك السفر مثلاً. ويبقى بعد جمع عرفة فيقال لعله ما حضر ذلك الجمع فما رأى. فلا ينافي قوله ما رأيت، أو يقال لعله ما رأى صلاة خارجة عن الوقت المعتاد غير هاتين الصلاتين فأخبر حسب ما رأى ولا اعتراض عليه ولا حجة للقائلين بنفي الجمع، والأحسن منه ما يشير إليه كلام البعض. ثم ذكر السندي ما تقدم من كلامه وتوجيهه في حاشيته على النسائي (وصلى الفجر يومئذ) أي بمزدلفة (قبل ميقاتها) أي قبل وقتها المعتاد فعلها فيه في الحضر لا أنه أوقعها قبل طلوع الفجر كما يتبادر من ظاهر اللفظ، ووقتها المعتاد أنه كان - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه المؤذن بطلوع الفجر صلى ركعتي الفجر في بيته ثم خرج فصلى الصبح، وأما بمزدلفة فكان الناس مجتمعين والفجر نصب أعينهم فبادر بالصلاة أول ما بزغ حتى أن بعضهم كان لم يتبين له طلوعه. قال النووي: المراد به قبل وقتها المعتاد لا قبل طلوع الفجر، لأن ذلك ليس بجائز بإجماع المسلمين والغرض أن استحباب الصلاة في أول الوقت في هذا اليوم أشد وآكد، ومعناه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان في غير هذا اليوم يتأخر عن أول طلوع الفجر إلى أن يأتيه بلال، وفي هذا اليوم لم يتأخر لكثرة المناسك فيه فيحتاج إلى المبالغة في التبكير ليتسع له الوقت. قال الحافظ: ولا حجة فيه لمن منع التغليس بصلاة الصبح لأنه ثبت عن عائشة وغيرها كما تقدم في المواقيت التغليس بها، بل المراد هنا أنه كان إذا أتاه المؤذن بطلوع الفجر صلى ركعتي الفجر في بيته ثم خرج فصلى الصبح مع ذلك بغلس، وأما بمزدلفة فكان الناس مجتمعين والفجر نصب أعينهم فبادر بالصلاة أول ما بزغ حتى أن بعضهم كان لم يتبين له طلوعه وهو بين في رواية إسرائيل (عند البخاري) حيث قال: ثم صلى الفجر حين طلع الفجر قائل يقول: طلع الفجر وقائل يقول: لم يطلع (متفق عليه) . وأخرجه أيضًا أحمد (ج١: ص ٣٨٤، ٤٢٦) وأبو داود والنسائي والبيهقي (ج ٥: ص ١٢٤) .
٢٦٣٣- قوله (أنا ممن قدم النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي قدمه (ليلة المزدلفة) أي إلى منى (في ضعفة أهله) بفتح الضاد المعجمة والعين المهملة جمع ضعيف أي في الضعفاء من أهله وهم النساء والصبيان والخدم والمشائخ العاجزون وأصحاب الأمراض، وقال ابن حزم: الضعفة هم الصبيان والنساء فقط. والحديث يرد عليه لأنه أعم من ذلك. قال العيني: يدخل فيه المشائخ