المذكور بالتقليد، لأنه يحتمل أن ينحل ويذهب بخلاف الإشعار فأنه ألزم، وقال بعضهم: إن إشعاره - صلى الله عليه وسلم - كان لصيانة الهدي لأن المشركين لا يمتنعون عن تعرضه إلا به قال في فتح القدير متعقبًا على هذا: قد يقال هذا يتم في إشعار الحديبية وهو مفرد بالعمرة، لا في إشعار هدايا حجة الوداع – انتهى. وقد تقدم نحو هذا عن صاحب اللمعات، وقال الشيخ اللكنوي في حاشية الهداية: لو سلمنا أن إشعاره كان لأن المشركين كانوا لا يمتنعون إلا به لكن إزالة السبب لا تقتضي إزالة المسبب، أما ترى إلى الرمل أنه بقي سنة مع زوال سببه فلا جرم يبقي الإشعار سنة أيضًا وإن زال سببه، قال: والأحسن في تأويل قول أبي حنيفة ما ذكره الطحاوي أنه إنما كره إشعار أهل زمانه، وهذا توجيه جيد يجب صرف مذهبه إليه لئلا يكون مخالفًا للأحاديث الصريحة، ومع قطع النظر عن هذا التأويل لا طعن على أبي حنيفة في هذا الباب لاحتمال عدم وصول أحاديث الإشعار إليه بطريق الصحة، والإمام إذا لم يصل إليه الحديث فعمل بالقياس فهو معذور. وقال في تعليقه على موطأ محمد: وحمله الطحاوي على أنه كره المبالغة فيه بحيث يؤدي إلى السراية وهو محمل حسن، ولولاه لكان قول أبي حنيفة مخالفًا للثابت بالأحاديث الصحيحة الصريحة صريحًا، وللقوم في توجيه ما روي عنه كلمات قد فرغنا عن دفعها في تعليقاتي على الهداية فلا نضيع الوقت بذكرها – انتهى. تنبيه: اتفق من قال بالإشعار بإلحاق البقر في ذلك بالإبل إلا سعيد بن جبير، واتفقوا على أن الغنم لا تشعر لضعفها ولكون صوفها أو شعرها يستر موضع الإشعار، وأما على ما نقل عن مالك فلكونها ليست ذات أسنمة، والله أعلم كذلك في الفتح. قلت: اختلف أصحاب المذاهب الأربعة في إشعار الإبل والبقر بعد ما اتفقوا على أن الغنم لا تشعر، فذهب الشافعية والحنابلة إلى استنان الإشعار في الإبل والبقر مطلقًا أي ولو لم يكن لها سنام، قال القسطلاني: إن لم يكن لها سنام أشعر موضعه هذا مذهب الشافعية وهو ظاهر المدونة. وقال القسطلاني في موضع آخر: مذهب الشافعي وموافقيه أنه يستحب تقليد البقر وإشعارها. وفي مناسك النووي: إن كانت بدنة أو بقرة استحب أن يقلدها وأن يشعرها أيضًا، وهو أن يضرب صفحة سنامها اليمنى. قال ابن حجر في شرحه: قوله ((صفحة سنامها)) هو في الإبل واضح، وأما البقر فلا سنام لها فليضربها في محله لو كان لها أخذًا مما في المجموع عن النص. وقال ابن قدامة: ويسن إشعار الإبل والبقر، وقال مالك: إن كانت البقرة ذات سنام فلا بأس بإشعارها وإلا فلا. ثم قال ابن قدامه: وتشعر البقرة لأنها من البدن فتشعر كذات السنام، وأما الغنم فلا يسن إشعارها لأنها ضعيفة وصوفها وشعرها يستر موضع إشعارها – انتهى. وأما عند المالكية ففي الإبل قولان، المرجح الإشعار مطلقًا أي ولو لم يكن لها سنام، والثاني التقييد بالسنام. وفي البقر ثلاثة أقوال: الأول الإثبات مطلقًا والثاني النفي مطلقًا، والثالث إشعار ذات السنام وهو المرجح عندهم كما يظهر من كلام الباجي والدردير والدسوقي والمدونة. وأما عند الحنفية فلا إشعار في البقر مطلقًا. قال في شرح اللباب: الإبل تقلد وتجلل وتشعر، والبقر