ثم ركب راحلته، فلما استوت به على البيداء أهل بالحج. رواه مسلم.
٢٦٥٢ – (٢) وعن عائشة، قالت: أهدى النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة إلى البيت غنمًا، فقلدها.
ــ
على الإشعار لأنه السنة. قال الدسوقي: السنة تقديم التقليد فعلاً خوفًا من نفارها لو أشعرت أولاً. قال الباجي: وقد قال ابن القاسم في المدونة: وكل ذلك واسع، يريد أن الترتيب المذكور ليس بواجب – انتهى. (ثم ركب راحلته) أي غير التي أشعرها (أهل بالحج) أي لبى به وكذا بالعمرة لما في الصحيحين عن أنس قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبي بالحج والعمرة يقول: لبيك عمرة وحجًا – انتهى. ومن حفظ حجة على من لم يحفظ. مع أنه يمكن أن الراوي اقتصر على ذكر الحج لأنه الأصل أو لأن مقصوده بيان وقت الإحرام والتلبية أو لعدم سماعه أولاً أو لنسيانه آخرًا، قاله القاري. وقد تقدم نقل الخلاف في كيفية إحرامه - صلى الله عليه وسلم - وطريق الجمع بين المختلف فيه فليراجع (رواه مسلم) وأخرجه أيضًا أحمد (ج ١: ص ٢١٦، ٢٥٤) والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجة والدرامي والبيهقي وابن الجارود، وقال الزيلعي: رواه الجماعة إلا البخاري.
٢٦٥٢ – قوله (أهدى النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة إلى البيت) أي بيت الله (غنمًا) أي قطعة من الغنم. ومعنى الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث بهديه قبل حجة الوداع مع من يحج وهو - صلى الله عليه وسلم - مقيم بالمدينة لا يحج، وأنه بعث مرة غنمًا. وفي قولها ((مرة)) إشعار بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يهدي بالبدن لكونها أفضل، وأهدى مرة بالغنم لبيان الجواز، وقد ثبت إهداؤه بالبدن في حديث آخر لعائشة أيضًا كما سيأتي (فقلدها) في الحديث دليل على جواز أن يكون الهدي من الغنم وأنها تقلد. وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء وخالف في ذلك الحنفية والمالكية فقالوا: إن الغنم لا تقلد. والحديث يرد عليهما. قال السندي في حاشية النسائي: الحديث صريح في جواز تقليد الغنم فلا وجه لمنع من منع ذلك. وقال النووي: فيه دلالة لمذهبنا ومذهب الكثرين أنه يستحب تقليد الغنم. وقال مالك وأبو حنيفة: لا يستحب بل خصا التقليد بالإبل والبقر، وهذا الحديث صريح في الدلالة عليهما – انتهى. وحديث عائشة هذا هو من رواية الأسود عنها، واللفظ المذكور لمسلم، ولفظ البخاري ((قالت: أهدى النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة غنمًا)) وفي رواية له ((قالت: كنت أفتل القلائد للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيقلد الغنم)) وفي لفظ له ((كنت أفتل قلائد الغنم للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيبعث بها)) الحديث. وبوب البخاري على هذه الروايات ((تقليد الغنم)) قال الحافظ تحت هذه الترجمة: قال ابن المنذر: أنكر مالك وأصحاب الرأي تقليد الغنم، زاد غيره وكأنهم لم يبلغهم الحديث، ولم نجد لهم حجة إلا قول بعضهم أنها تضعف عن التقليد وهي حجة ضعيفة. لأن المقصود من التقليد العلامة، وقد اتفقوا على أنها لا تشعر، لأنها تضعف عنه فتقلد بما لا يضعفها. ثم ساق ابن المنذر من طريق عطاء وعبيد الله بن أبي يزيد وأبي جعفر محمد بن علي وغيرهم قالوا: رأينا الغنم تقدم مقلدة. ولابن أبي شيبة عن ابن عباس