للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأشعرها وأهداها، فما حرم عليه كان أحل له.

ــ

" ثم قلدها بيده " بيانًا لحفظها للأمر ومعرفتها به ويحتمل أن تكون أرادت أنه - صلى الله عليه وسلم - تناول ذلك بنفسه وعلم وقت التقليد ومع ذلك فلم يمتنع من شيء يمتنع منه المحرم لئلا يظن أحد أنه استباح ذلك قبل أن يعلم بتقليد الهدي. وقال الباجي: يحتمل أن تكون أرادت بذلك تبيين حفظها للأمر ومعرفتها من تناول كل شيء منه، ويدل ذلك على اهتبالها بهذا الأمر ومعرفتها به ويحتمل أنها أرادت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تناول ذلك بنفسه وعلم وقت التقليد لئلا يظن أحد أنه استباح محظور الإحرام بعد تقليد هديه وقبل أن يعلم هو بذلك فتبين من ذلك أنه لم يأت شيئًا من هذا إلا وهو عالم بتقليد هديه – انتهى. (وأهداها) أي مع أبي بكر رضي الله عنه في السنة التاسعة، وفي الرواية الآتية دليل استحباب بعث الهدي إلى الحرم وإن لم يسافر معه مرسله ولا أحرم في تلك السنة (فما حرم) بفتح الحاء وضم الراء (عليه) أي على النبي - صلى الله عليه وسلم - (شيء كان أحل له) بصيغة المجهول من الإحلال. وسبب هذا القول من عائشة رضي الله عنها أنها بلغها فتيا ابن عباس رضي الله عنهما فيمن بعث هديًا إلى مكة أنه يحرم عليه ما يحرم على الحاج من لبث المخيط وغيره حتى ينحر هديه بمكة فقالت ذلك ردًا عليه لأن باعث الهدي المقيم في بلده لا يصير بمجرد البعث محرمًا فلا يحرم عليه شيء، روى البخاري في " باب إذا بعث بهديه ليذبح (وأقام) لم يحرم عليه شيء " من كتاب الأضاحي بسنده عن مسروق أنه أتى عائشة فقال لها: يا أم المؤمنين إن رجل يبعث بالهدي إلى الكعبة ويجلس في المصر فيوصي أن تقلد بدنته فلا يزال من ذلك اليوم محرمًا حتى يحل الناس، قال: فسمعت تصفيقها من وراء الحجاب فقالت: لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيبعث هديه إلى الكعبة فما يحرم عليه مما حل للرجال من أهله حتى يرجع الناس – انتهى. وفي الصحيحين " أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة أن عبد الله بن عباس قال: من أهدى هديًا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر هديه؟ فقالت عائشة: ليس كما قال ابن عباس، " أنا فتلت قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي، ثم قلدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيديه ثم بعث بها مع أبي فلم يحرم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا أحله الله له حتى نحر الهدي " وروى مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه رأى رجلاً متجردًا بالعراق فسأل الناس عنه؟ فقالوا: أنه أمر بهديه أن يقلد فلذلك تجرد. قال ربيعة: فلقيت عبد الله بن الزبير فذكرت له ذلك فقال: بدعة ورب الكعبة – انتهى. قال الطحاوي: ولا يجوز عندنا أن يكون ابن الزبير حلف على ذلك أنه بدعة إلا وقد علم أن السنة خلاف ذلك. قال الحافظ: ورواه ابن أبي شيبة عن الثقفي عن يحيى بن سعيد أخبرني محمد بن إبراهيم أن ربيعة أخبره أنه رأى ابن عباس وهو أمير على البصرة في زمان علي متجردًا على منبر البصرة فذكره، فعرف بهذا اسم المبهم في رواية مالك – انتهى. وما ذهب إليه ابن عباس من أن الرجل إذا بعث هديًا يحرم عليه ما يحرم على المحرم من محظورات الإحرام، قال الحافظ: ثبت ذلك عن جماعة من الصحابة منهم ابن عمر، رواه ابن أبي شيبة عن ابن علية عن أيوب، وابن المنذر من طريق ابن جريج كلاهما

<<  <  ج: ص:  >  >>