للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مع رجل، وأمره فيها، فقال: يا رسول الله! كيف أصنع بما أبدع علي منها؟ قال: " انحرها، ثم اصبغ نعليها في دمها، ثم اجعلها على صفحتها، ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك ".

ــ

في أول غزوة الحديبية القصة بطولها، وفيها أنه عليه الصلاة والسلام استعمل على هديه ناجية بن جندب الأسلمي وأمره أن يتقدمه بها، وقال: كان سبعين بدنة. قال القاري: نقل الواقدي مخالف لرواية مسلم اللهم إلا أن يقال العدد المذكور في رواية مسلم مختص بخدمة ناجية له، والباقي لغيره من رفقائه كما يدل عليه قوله: وأمره فيها (مع رجل) أي ناجية الأسلمي قاله القاري (وأمره) بتشديد الميم أي جعله أميرًا (فيها) أي لينحرها بمكة (فقال يا رسول الله) وفي مسلم ((قال: مضى ثم رجع فقال: يا رسول الله)) (كيف أصنع بما أُبْدِعَ) بضم الهمزة وإسكان الباء وكسر الدال وفتح العين بصيغة المبني للمفعول (على) أي بما حبس على من الكلال (منها) أي من تلك البدن، يقال أبدعت الراحلة إذا كلت وأعيت حتى وقفت من الإعياء، وأبدع بالرجل على بناء المجهول إذا انقطعت راحلته به لكلال، ولذا لم يقل أبدع بي لأنه لم يكن هو راكبًا لأنها كانت بدنة يسوقها بل قال: أبدع على لتضمين معنى الحبس كما ذكرنا (ثم اصبغ) بضم الموحدة ويجوز فتحا وكسرها (نعليها) وفي حديث ابن عباس عن ذويب أبي قبيصة عند مسلم أيضًا ((نعلها)) بالإفراد، أي التي قلدتها في عنقها (في دمها) ليعلم أنه هدي عطب فينبغي أن يأكله من يجوز له أكله، وحكي عن مالك أنه قال: أمره بذلك ليعلم أنه هدي فلا يستباح إلا على الوجه الذي ينبغي (ثم اجعلها على صفحتها) قال القاري: أي كل واحدة من النعلين على صفحة من صفحتي سنامها – انتهى. وقوله ((ثم اجعلها)) كذا في جميع نسخ المشكاة، وفي صحيح مسلم ((ثم اجعله)) وهكذا في جامع الأصول، وفي المصابيح ((ثم اجعلهما)) أي بضمير التثنية، وفي حديث ذويب ((ثم اضرب به صفحتها)) (ولا تأكل منها أنت) للتأكيد (ولا أحد (أي ولا يأكل أحد (من أهل رُفْقتك) بضم الراء وسكون الفاء، وفي القاموس: الرفقة مثلثة، وقال الشوكاني: الرفقة بضم الراء وكسرها لغتان مشهورتان، أي رفقاؤك فأهل زائد، وقال البوصيري: بضم الراء وكسرها وسكون الفاء جماعة ترافقهم في سفرك والأهل مقحم. قال الطيبي: سواء كان فقيرًا أو غنيًا، وإنما منعوا ذلك قطعًا لأطماعهم لئلا ينحرها أحد ويتعلل بالعطب – انتهى. قال النووي: وفي المراد بالرفقة وجهان لأصحابنا، أحدهما أنهم الذين يخالطون المهدى في الأكل وغيره دون باقي القافلة. والثاني وهو الأصح الذي يقتضيه ظاهر نص الشافعي وكلام جمهور أصحابنا أن المراد بالرفقة جميع القافلة، لأن السبب الذي منعت به الرفقة هو خوف تعطيبهم إياه، وهذا موجود في جميع القافلة. فإن قيل: إذا لم تجوزوا لأهل القافلة أكله وقلتم بتركه في البرية كان طعمة للسباع، وهذا إضاعة مال. قلنا: ليس فيه إضاعة مال بل العادة الغالبة أن سكان البوادي وغيرهم يتتبعون منازل الحجيج لالتقاط ساقطة ونحو ذلك، وقد تأتي قافلة في أثر قافلة، والله أعلم – انتهى. والحديث يدل على أن من بعث معه هدي إلى الحرم فعطب في الطريق

<<  <  ج: ص:  >  >>