ففي الدر المختار: ويتصدق بجلدها أو يعمل منه نحو غربال وجراب وقربة وسفرة ودلو أو يبدله بما ينتفع به باقيًا لا بمستهلك كخل ولحم ونحوه كدارهم، فإن بيع اللحم أو الجلد به أي بمستهلك أو بدارهم تصدق بثمنه، ومفاده صحة البيع (وهو قول أبي حنيفة ومحمد كما في البدائع) مع الكراهة، وعن أبي يوسف باطل لأنه كالوقف - انتهى. فالنهي في حديث قتادة محمول عندهما على الكراهة أو على البيع مع الانتفاع بثمنه، وقال ابن عابدين: أفاد أي صاحب الدر المختار أنه ليس له بيعهما بمستهلك وأن له بيع الجلد بما تبقى عينه، وسكت عن بيع اللحم للخلاف فيه، ففي الخلاصة وغيرها: لو أراد بيع اللحم ليتصدق بثمنه ليس له ذلك، وليس له فيه إلا أن يطعم أو يأكل - انتهى. والصحيح كما في الهداية وشروحها أنهما سواء في جواز بيعهما بما ينتفع بعينه دون ما يستهلك، وأيده في الكفاية بما روى ابن سماعة عن محمد: لو اشترى باللحم ثوبًا فلا بأس به - انتهى. قلت: ظاهر حديث قتادة بن النعمان أنه لا يجوز بيع جلد الهدي والإضحية ولحمهما مطلقًا لا بما ينفع بعينه ولا بمستهلك، والله أعلم (وأجلتها) بكسر الجيم وتشديد اللام جمع جلال بكسر الجيم وتخفيف اللام وهي جمع جُل بضم الجيم وهو ما يطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه، وفيه دليل على مشروعية تجليل البدن، وهو مستحب وليس بواجب، قال الأبي في الإكمال: تجليل البدن ليس بلازم ولكن مضى عليه عمل السلف وأئمة الفتوى، وتجلل بعد الإشعار لئلا تتطلخ بالدم، والجلال على قدر سعة المهدي – انتهى. وفي شرح مسلم للنووي ((قال القاضي: التجليل سنة وهو عند العلماء مختص بالإبل وهو مما اشتهر من عمل السلف، قال: وممن رآه مالك والشافعي وأبو ثور وإسحاق، قالوا: ويكون بعد الإشعار لئلا يتطلخ بالدم، قالوا: ويستحب أن تكون قيمتها ونفاستها بحسب حال المهدي وكان بعض السلف يجلل بالوشي وبعضهم بالحبرة وبعضهم بالقباطي والملاحف والأزر، قال مالك: وتشق على الأسنمة إن كانت قليلة الثمن لئلا تسقط، قال مالك: وما علمت من ترك ذلك إلا ابن عمر استبقاء للثياب، لأنه كان يجلل الجلال المرتفعة من الأنماط والبرود والحبر، قال: وكان لا يجلل حتى يغدو من منى على عرفات، قال: وروي عنه أنه كان يجلل من ذي الحليفة، قال: وكان يعقد أطراف الجلال على أذنابها، فإذا مشى ليلة نزعها، فإذا كان يوم عرفة جللها فإذا كان عند النحر نزعها لئلا يصيبها الدم. قال مالك: وأما الجل فينزع في الليل لئلا يخرقها الشوك. قال: واستحب إن كانت الجلال مرتفعة أن يترك شقها وأن لا يجللها حتى يغدو إلى عرفات، فإن كانت بثمن يسير فمن حين يحرم يشق ويجلل، قال القاضي: وفي شق الجلال على الأسنمة فائدة أخرى وهي إظهار الإشعار لئلا يستر تحتها، وفي هذا الحديث الصدقة بالجلال وهكذا قاله العلماء، وكان ابن عمر أولاً يكسوها الكعبة، فلما كسيت الكعبة تصدق بها – انتهى. قال الباجي: معنى ذلك أن جلال البدن كانت كسوة الكعبة وكانت أولى بها من غيرها، فلما كسيت الكعبة رأى أن الصدقة بها أولى من غير ذلك، لأن الهدي وإن كان له تعلق بالبيت فإن مصرفه إلى المساكين ومستحقي