٢٦٦٢ – (١٢) وعن علي، قال: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بدنه، وأن أتصدق بلحمها وجلودها
ــ
قلت: هذا خلاف ما وقع في عامة فروع الحنفية كما تقدم، ولعل منشأ ما حكى الحافظ والنووي عن الحنفية من استواء البروك والقيام في الفضيلة هو ما ذكره ابن الهمام في فتح القدير عن أبي حنيفة نحرت بدنة قائمة فكدت أهلك قيامًا من الناس، لأنها نفرت فاعتقدت أن لا أنحر بعد ذلك إلا باركة معقولة، وأستعين عليه بمن هو أقوى مني - انتهى. وهذا كما ترى مبني على خشية النفور لا مطلقًا. قال الحافظ: وفي الحديث تعليم الجاهل وعدم السكوت على مخالف السنة وإن كان مباحًا، وفيه أن قول الصحابي ((من السنة كذا)) مرفوع عند الشيخين لاحتجاجهما بهذا الحديث في صحيحيهما (متفق عليه) وأخرجه أيضًا أحمد (ج ٢: ص ٣) وأبو داود والنسائي والدارمي والبيهقي (ج ٥: ص ٢٣٧) .
٢٦٦٢ – قوله (أن أقوم على بُدْنه) بضم الباء وسكون الدال جمع بدنة، والمراد بدنه التي أهداها إلى مكة في حجة الوداع ومجموعها مائة كما تقدم، وفيه جواز الإنابة في نحر الهدي وتفرقته. قال الحافظ: قوله ((أن أقوم على بدنه)) أي عند نحرها للاحتفاظ بها، ويحتمل أن يريد ما هو أعم من ذلك، أي على مصالحها في علفها ورعيها وسقيها وغير ذلك (وأن أتصدق بلحمها) المراد أنه يقسم لحومها على المساكين إلا ما أمر به من كل بدنة ببضعة فطبخت كما مر في حديث جابر الطويل (وجلودها) قال الكرماني: فيه أنه لا يجوز بيع جلود الهدايا والضحايا كما هو ظاهر الحديث إذ الأمر حقيقة في الوجوب - انتهى. وتعقبه في اللامع فقال: فيه نظر، فذلك صيغة افعل لا لفظ أمر. وقال الحافظ: استدل به على منع بيع الجلد. قال القرطبي: فيه دليل على أن جلود الهدي وجلالها لا تباع لعطفها على اللحم وإعطاءها حكمه، وقد اتفقوا على أن لحمها لا يباع فكذلك الجلود والجلال، وأجازه الأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وهو وجه عند الشافعية، قالوا: ويصرف ثمنه مصرف الإضحية. واستدل أبو ثور على أنهم اتفقوا على جواز الانتفاع به وكل ما جاز الانتفاع به جاز بيعه وعورض باتفاقهم على جواز الأكل من لحم هدي التطوع، ولا يلزم من جواز أكله جواز بيعه وأقوى من ذلك في رد قوله ما أخرجه أحمد في حديث قتادة بن النعمان مرفوعًا:((لا تبيعوا لحوم الأضاحي والهدي وتصرفوا وكلوا واستمتعوا بجلودها ولا تبيعوا، وإن أطعمتم من لحومها فكلوا إن شئتم)) - انتهى كلام الحافظ. وقال النووي في شرح المهذب: مذهبنا أنه لا يجوز بيع جلد الهدي والإضحية ولا غيره من أجزائها لا بما ينتفع به في البيت ولا بغيره، وبه قال عطاء ومالك وأحمد وإسحاق، هكذا حكاه عنهم ابن المنذر، ثم حكى عن ابن عمر وأحمد وإسحاق أنه لا بأس أن يبيع جلد هديه ويتصدق بثمنه، قال: ورخص فيه أبو ثور، وقال النخعي والأوزاعي: لا بأس أن يشترى به الغربال والمنخل والفأس والميزان ونحوها - انتهى. قلت: ونحوه مذهب الحنفية،