((قيامًا)) مصدر بمعنى قائمة وهي حال مقدرة، أو قوله ((ابعثها)) أي أقمها أو العامل محذوف تقديره انحرها، وقد وقع في رواية عند الإسماعيلي ((انحرها قائمة)) (مقيدة) حال ثانية أي معقولة الرجل قائمة على ما بقي من قوائمها، ولأبي داود من حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى قائمة على ما بقي من قوائمها (سنة محمد - صلى الله عليه وسلم -) بنصب سنة على المفعولية أي فاعلاً بها سنة محمد أو متبعًا سنة محمد، ويجوز رفعه خبرًا لمبتدأ محذوف، ويدل عليه رواية الحربي في المناسك بلفظ ((فقال له: انحرها قائمة فإنها سنة محمد)) والحديث يدل على استحباب نحر الإبل قيامًا مقيدة، قال الباجي: وهو مذهب مالك وجمهور الفقهاء غير الحسن البصري في قوله ((تنحر باركة)) والأصل في ذلك حديث أنس عند البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحره بيده سبعة بدن قيامًا. قال الشيخ أبو بكر: إنما كان ذلك في الإبل لأنه أمكن لمن ينحرها لأنه يطعن في لبتها، وأما البقر والغنم التي سنتها الذبح فإن إضجاعها أمكن لتناول ذبحها، فالسنة إضجاعها، وروى محمد عن مالك أن الشأن أن تنحر البدن قائمة قد صفت يداها بالقيد، وقال ذلك ابن حبيب في قوله تعالى:{فاذكروا اسم الله عليها صواف}(٢٢: ٣٦) وقد روى محمد عن مالك أيضًا ((لا يعقلها إلا من خاف أن يضعف عنها)) – انتهى. وقال ابن قدامة (ج ٣: ص ٤٣١) : السنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى فيضربها بالحربة في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر، وممن استحب ذلك مالك والشافعي وإسحاق وابن المنذر، واستحب عطاء نحرها باركة (وهذا مخالف للسنة) وجوز الثوري وأصحاب الرأي كل ذلك، ولنا حديث ابن عمر عند الشيخين وحديث جابر عند أبي داود. وفي قول الله تعالى:{وجبت جنوبها} دليل على أنها تنحر قائمة، ويروى في تفسير قوله تعالى:{فاذكروا اسم الله عليه صواف} أي قيامًا وتجزئه كيف ما نحر. قال أحمد: ينحر البدن معقولة على ثلاث قوائم، وإن خشى عليها أن تنفر أناخها - انتهى. قلت: وبذلك قالت الحنفية، ففي المضمرات: السنة أن ينحر البعير قائمًا، وتذبح الشاة والبقرة مضطجعة، ذكره ابن عابدين. وفي الهداية: الأفضل في البدن النحر، وفي البقر والغنم الذبح، ثم إن شاء نحر الإبل في الهدايا قيامًا أو أضجعها وأي ذلك فعل فهو حسن، والأفضل أن ينحرها قيامًا لما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - نحر الهدايا قيامًا وأصحابه كانوا ينحرونها قيامًا معقولة يدها اليسرى - انتهى. وقال ابن الهمام بعد ذكر حديث جابر عن أبي داود المتقدم: وإنما سن النبي - صلى الله عليه وسلم - النحر قيامًا عملاً بظاهر قوله تعالى:{فإذا وجبت جنوبها}(٢٢: ٣٦) والوجوب السقوط، وتحققه في حال القيام أظهر. قال: والاستدلال بقول الله تعالى: {فاذكروا اسم الله عليها صواف} أظهر، وقد فسره ابن عباس بقوله قيامًا على ثلاث قوائم، وهو إنما يكون بعقل الركبة، والأولى كونه اليسرى للإتباع، رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم. قال: والحاصل أن القيام أفضل، فإن لم يتسهل فالقعود أفضل من الاضطجاع – انتهى. قال الحافظ في الفتح: في حديث ابن عمر استحباب نحر الإبل على الصفة المذكورة، وعن الحنفية يستوي قائمة وباركة في الفضيلة – انتهى.