للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.......................................................................................

ــ

مسلم من حديث ثوبان قال: ذبح النبي - صلى الله عليه وسلم - أضحيته، ثم قال: لي يا ثوبان أصلح لحم هذه فلم أزل أطعمه منه حتى قدم المدينة – انتهى. قيل: قول الحافظ: بل المراد أن جابرًا لم يصرح باستمرار ذلك. إلخ. معناه جواز البقاء وعدمه في نفس الأمر لا وقوع أحدهما على القطع، ورواية عمرو بن دينار عن عطاء أخرجها الشيخان بلفظ ((كنا نتزود لحوم الأضاحي على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة)) قال علي بن المديني: قال سفيان بن عيينة غير مرة: لحوم الهدي يعني أن سفيان كان تارة يقول: لحوم الأضاحي، ومرارًا يقول: لحوم الهدي. والظاهر أن معنى هذه الرواية أنهم كانوا يتزودون لحوم الهدي من مكة فيأكلون منه في سفرهم إلى المدينة فإن بقي منهم شيء أكلوه بالمدينة في الحضر أيضًا كما يستفاد من رواية أحمد عن جابر قال: (أكلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القديد بالمدينة من قديد الأضحى)) يعني قديد هدي يوم الأضحى. ولا مانع من كونهم أهدوا وضحوا وتزودوا من لحمي الهدي والضحية، فإن كان لحم هدي فهو من هدي التطوع الذي يهدى إلى البيت، ومن هدي المتعة، وإن كان لحم ضحية فهو دليل لمن قال: بمشروعية الضحية للحاج، وعلى كل حال فهو يفيد جواز الأكل من هدي التطوع والواجب أي المتعة وادخاره والتزود منه، والله أعلم، هذا وحديث جابر نص في جواز الادخار والأكل من لحوم الهدي والإضحية فوق ثلاث، وهذا يخالف ما رواه مسلم عن علي بن أبي طالب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهانا أن نأكل من لحوم نسكنا بعد ثلاث. وفي لفظ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهاكم أن تأكلوا لحوم نسككم فوق ثلاث ليال فلا تأكلوا، وروى أيضًا عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يأكل أحدكم من لحم إضحيته فوق ثلاث أيام. قال القاضي: اختلف العلماء في الأخذ بهذه الأحاديث فقال قوم: يحرم إمساك لحوم الأضاحي والأكل منها بعد ثلاث وأن حكم التحريم باق كما قاله علي وابن عمر. وقال جماهير العلماء: يباح الأكل والإمساك بعد الثلاث، والنهي منسوخ بحديث جابر وحديث بريدة عند أحمد ومسلم والترمذي وحديث عبد الله بن مسعود عند أحمد وحديث قتادة بن النعمان عند أحمد والطحاوي وغير ذلك من الأحاديث. قال: وهذا من نسخ السنة بالسنة. وقال بعضهم: ليس هو نسخًا بل كان التحريم لعلة، فلما زالت زال التحريم، وتلك العلة هي الدافة، وكانوا منعوا من ذلك في أول الإسلام من أجل الدافة فلما زالت العلة الموجبة لذلك أمرهم أن يأكلوا ويدخروا كما يدل عليه رواية مسلم من حديث مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن واقد قال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث. قال عبد الله بن أبي بكر: فذكرت ذلك لعمرة فقالت: صدق، سمعت عائشة تقول: دف أهل أبيات من أهل البادية حضرة الأضحى زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ادخروا ثلاث ثم تصدقوا بما بقى، فلما كان بعد ذلك قالوا: يا رسول الله! إن الناس يتخذون الأسقية من ضحاياهم ويجملون فيها الودك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وما ذاك؟ قالوا: نهيت أن تؤكل لحوم الضحايا بعد ثلاث، فقال: إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت،

<<  <  ج: ص:  >  >>