للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

...........................................................................................

ــ

فكلوا وادخروا وتصدقوا. والمراد بالدافة هنا من ورد من شعفاء الأعراب للمواساة. وقيل: كان النهي الأول للكراهة لا للتحريم، قال هؤلاء: والكراهية باقية إلى يومنا هذا ولكن لا يحرم، قالوا: ولو وقع مثل تلك العلة اليوم فدفت دافة واساهم الناس وحملوا على هذا مذهب علي وابن عمر. والصحيح نسخ النهي مطلقًا وأنه لم يبق تحريم ولا كراهة، فيباح اليوم الادخار فوق ثلاث والأكل إلى متى شاء لصريح حديث جابر، وحديث بريدة أيضًا يدل على ذلك، فروى مسلم وأحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله ض: نهيتكم عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم. وفي رواية ((فكلوا وتزودوا وادخروا)) قلت: حكى الحازمي في الاعتبار عن علي والزبير وعبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر أنهم قالوا: يحرم الإمساك بلحوم الأضاحي بعد ثلاث وأن حكم التحريم باق. قال: وخالفهم في ذلك جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمصار ورأوا جواز ذلك وتمسكوا في ذلك بأحاديث تدل على نسخ الحكم الأول، ثم ذكر ما يدل على النسخ من حديث جابر وبريدة وعائشة، وقال ابن قدامة (ج ٨: ص ٦٣٣) يجوز الادخار فوق ثلاث في قول عامة أهل العلم ولم يجزه علي ولا ابن عمر، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهي عن ذلك. ولنا قوله - صلى الله عليه وسلم -: كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم. رواه مسلم. وقال أحمد فيه أسانيد صحاح، فأما علي وابن عمر فلم يبلغهما ترخيص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد كانوا سمعوا النهي فرووا على ما سمعوا – انتهى مختصرًا. وقال الحافظ في الفتح: قال الشافعي: لعل عليًا لم يبلغه النسخ. وقال غيره: يحتمل أن يكون الوقت الذي قال علي فيه ذلك كان بالناس حاجة كما وقع في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبذلك جزم ابن حزم فقال: إنما خطب علي بالمدينة في الوقت الذي كان عثمان حوصر فيه، وكان أهل البوادي قد ألجأتهم الفتنة إلى المدينة فأصابهم الجهد، فلذلك قال علي ما قال، وبنحو ذلك جمع الطحاوي. قال الحافظ: وكذلك يجاب عما أخرج أحمد (في مسند فاطمة (ج ٦: ص ٢٨٢) من طريق أم سليمان قالت: دخلت على عائشة فسألتها عن لحوم الأضاحي، فقالت: قد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها ثم رخص فيها فقدم علي من سفر فأتته فاطمة بلحم من ضحاياها فقال: أو لم ينه عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إنه قد رخص فيها، قالت: فدخل علي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن ذلك فقال: كلها من ذي الحجة إلى ذي الحجة. فهذا علي قد اطلع على الرخصة ومع ذلك خطب بالمنع فطريق الجمع ما ذكرته، وقد جزم به الشافعي في الرسالة في آخر باب العلل في الحديث (ص ٢٣٩ بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر) فقال ما نصه: فإذا دفت الدافة ثبت النهي عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث، وإذا لم تدف دافة فالرخصة ثابتة بالأكل والتزود والادخار والصدقة. قال الشافعي: ويحتمل أن يكون النهي عن إمساك لحوم الأضاحي بعد ثلاث منسوخًا في كل حال. قال الحافظ: وبهذا الثاني أخذ المتأخرون من الشافعية، فقال الرافعي: الظاهر أنه لا يحرم اليوم بحال، وتبعه

<<  <  ج: ص:  >  >>