للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

ابن عمر أن ذلك كان يوم الحديبية، وهو تقصير وحذف، وإنما جرى ذلك يوم الحديبية حين صد عن البيت، وهذا محفوظ مشهور من حديث ابن عمر وابن عباس وأبي سعيد وأبي هريرة وحبشي بن جنادة وغيرهم، ثم أخرج حديث أبي سعيد بلفظ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستغفر لأهل الحديبية للمحلقين ثلاثًا وللمقصرين مرة، وحديث ابن عباس بلفظ ((حلق رجال يوم الحديبية وقصر آخرون فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: رحم الله المحلقين)) الحديث. وحديث أبي هريرة من طريق محمد بن فضيل الذي أخرجه البخاري بلفظ ((قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اللهم اغفر للمحلقين، قالوا: والمقصرين، قال: اللهم اغفر للمحلقين. قالوا: والمقصرين؟ قالها ثلاثًا. قال: وللمقصرين. ولم يسق ابن عبد البر لفظه بل قال: نذكر معناه وتجوز في ذلك فإنه ليس في رواية أبي هريرة تعيين الموضع، ولم يقع في شيء من طرقه التصريح بسماعه لذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو وقع لقطعنا بأنه كان في حجة الوداع لأنه شهدها، ولم يشهد الحديبية، ولم يسق ابن عبد البر عن ابن عمر في هذا شيئًا ولم أقف على تعيين الحديبية في شيء من الطريق عنه، وقد قدمت في صدر الباب (أي باب الحلق والتقصير عند الإحلال) أنه مخرج من مجموع الأحاديث عنه أن ذلك كان في حجة الوداع كما يؤمئ إليه صنيع البخاري، وحديث أبي سعيد الذي أخرجه ابن عبد البر أخرجه أيضًا الطحاوي من طريق الأوزاعي، وأحمد وابن أبي شيبة وأبو داود الطيالسي من طريق هشام الدستوائي كلاهما عن يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم الأنصاري عن أبي سعيد، وزاد فيه أبو داود (وأحمد) أن الصحابة حلقوا يوم الحديبية إلا عثمان وأبا قتادة، وأما حديث ابن عباس فأخرجه ابن ماجة من طريق ابن إسحاق حدثني ابن أبي نجيح عن مجاهد عنه وهو عند ابن إسحاق في المغازي بهذا الإسناد وأن ذلك كان بالحديبية، وكذلك أخرجه أحمد وغيره من طريقه، وأما حديث حبشي بن جنادة فأخرجه ابن أبي شيبة من طريق أبي إسحاق عنه ولم يعين المكان، وأخرجه أحمد من هذا الوجه (ج ٤: ص ١٦٤، ١٦٥) وزاد في سياقه ((عن حبشي وكان ممن شهد حجة الوداع)) فذكر هذا الحديث، وهذا يشعر بأنه كان في حجة الوداع، وأما قول ابن عبد البر فوهم، فقد ورد تعيين الحديبية من حديث جابر عند أبي قرة في السنن، ومن طريق الطبراني في الأوسط، ومن حديث المسور بن مخرمة عند ابن إسحاق في المغازي، وورد تعيين حجة الوداع من حديث أبي مريم السلولي عند أحمد وابن أبي شيبة، ومن حديث أم الحصين عند مسلم، ومن حديث قارب بن الأسود الثقفي عند أحمد وابن أبي شيبة، ومن حديث أم عمارة عند الحارث. فالأحاديث التي فيها تعيين حجة الوداع أكثر عددًا وأصح إسنادًا (لأن بعضها في صحيح مسلم بخلاف الحديبية) ولهذا قال النووي عقب أحاديث ابن عمر وأبي هريرة وابن الحصين: هذه الأحاديث تدل على أن هذه الواقعة كانت في حجة الوداع. قال: وهو الصحيح المشهور، وقيل: كان في الحديبية، وجزم بأن ذلك كان في الحديبية إمام الحرمين في النهاية. ثم قال النووي: لا يبعد أن يكون وقع في الموضعين – انتهى. وقال عياض: كان

<<  <  ج: ص:  >  >>