للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.............................................................................................

ــ

وجه آخر عن عبيد الله بلفظ مالك سواء، قال الحافظ: وبيان كونها في الرابعة أن قوله والمقصرين معطوف على مقدر، تقديره ((يرحم الله المحلقين)) وإنما قال ذلك بعد أن دعا للمحلقين ثلاثًا صريحًا فيكون دعاؤه للمقصرين في الرابعة، وقد رواه أبو عوانة في مستخرجه من طريق الثوري عن عبيد الله بلفظ ((قال في الثالثة: والمقصرين)) والجمع بينهما واضح بأن من قال ((في الرابعة)) فعلى ما شرحناه، ومن قال ((في الثالثة)) أراد أن قوله {والمقصرين} معطوف على الدعوة الثالثة أو أراد بالثالثة مسألة السائلين في ذلك، وكان - صلى الله عليه وسلم - لا يراجع بعد ثلاث كما ثبت، ولو لم يدع لهم بعد ثالث مسألة ما سألوه في ذلك، وأخرجه أحمد (ج ٢: ص ٣٤) من طريق أيوب عن نافع بلفظ ((اللهم اغفر للمحلقين، قالوا: وللمقصرين حتى قالها ثلاثًا أو أربعًا، ثم قال: والمقصرين)) ورواية من حزم مقدمة على من شك – انتهى. وروى البخاري بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اللهم اغفر للمحلقين، قالوا: والمقصرين. قال: اللهم اغفر للمحلقين. قالوا: والمقصرين، قالها ثلاثًا. قال: وللمقصرين. قال الحافظ: قوله ((قالها ثلاثًا)) أي قوله: اللهم اغفر للمحلقين، وهذه الرواية شاهدة لأن عبيد الله العمري حفظ الزيادة – انتهى. واستدل بقوله ((المحلقين)) على مشروعية حلق جميع الرأس لأنه الذي تقتضيه الصيغة (إذ لا يقال لمن حلق بعض رأسه أنه حلقه إلا مجازًا) وقال بوجوب حلق جميعه مالك وأحمد، واستحبه الكوفيون والشافعي ويجزئ البعض عندهم، واختلفوا فيه فعن الحنفية الربع إلا أبا يوسف فقال: النصف. وقال الشافعي: أقل ما يجب حلق ثلاث شعرات، وفي وجه لبعض أصحابه شعرة واحدة، والتقصير كالحلق فالأفضل أن يقصر من جميع شعر رأسه، ويستحب أن لا ينقص عن قدر الأنملة، وإن اقتصر على دونها أجزأ. هذا للشافعية، وهو مرتب عند غيرهم على الحلق، وهذا كله في حق الرجال، كذا في الفتح. وقال ابن قدامة (ج ٣: ص ٣٩٣) : يلزم التقصير أو الحلق من جميع شعره، كذلك المرأة، نص عليه أحمد، وبه قال مالك، وعن أحمد يجزئه البعض مبنيًا على المسح في الطهارة، وكذلك قال ابن حامد، وقال الشافعي: يجزئه التقصير من ثلاث شعرات، واختار ابن المنذر أنه يجزئه ما يقع عليه اسم التقصير لتناول اللفظ له، ولنا قول الله تعالى: {محلقين رؤوسكم} وهذا عام في جميعه، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حلق جميع رأسه تفسيرًا لمطلق الأمر به فيجب الرجوع إليه، ولأنه نسك تعلق بالرأس فوجب استيعابه به كالمسح – انتهى. واختار ابن الهمام قول مالك في وجوب استيعاب الرأس بالحلق والتقصير، وقال بعد بسط الكلام فيه: فكان مقتضى الدليل في الحلق وجوب الاستيعاب كما هو قول مالك، وهو الذي أدين الله به. قال: وقياسه على المسح قياس مع الفارق. وقال الشنقيطي بعد ذكر مذاهب الأئمة في ذلك: أظهر الأقوال عندي أنه يلزم حلق جميع الرأس أو تقصير جميعه، ولا يلزم تتبع كل شعرة في التقصير، لأن فيه مشقة كبيرة، بل يكفي تقصير جميع جوانب الرأس مجموعة أو مفرقة، وأنه لا يكفي الربع ولا ثلاث شعرات خلافًا للحنفية والشافعية،

<<  <  ج: ص:  >  >>