للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: " اللهم ارحم المحلقين ". قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: " والمقصرين ".

ــ

يكون به أجمل، ويكون في ميزان العمل أثقل، وفيه دليل على الترحم على الحي وعدم اختصاصه بالميت (قالوا) أي الصحابة، قال الحافظ: لم أقف في شيء من الطرق على الذي تولى السؤال في ذلك بعد البحث الشديد (والمقصرين يا رسول الله) قال الحافظ: الواو معطوفة على شيء محذوف تقديره ((قل: والمقصرين، أو قل: وارحم المقصرين) وهو يسمى العطف التلقيني كقوله تعالى {ومن ذريتي} بعد قوله {إني جاعلك للناس إمامًا} (٢: ١٢٤) قال الآلوسي: {ومن ذريتي} عطف على كاف {جاعلك} يقال: سأكرمك، فتقول: وزيدًا، أي وتكرم زيدًا، تريد تلقينه بذلك، قال {ومن ذريتي} في معني بعض ذريتي، فكأنه قال: ((وجاعل بعض ذريتي)) وهو من قبيل عطف التلقين فيكون خبرًا في معني الطلب، وكأن أصله واجعل بعض ذريتي، لكنه عدل إلى المنزل لما فيه من البلاغة من حيث جعله من تتمة كلام المتكلم كأنه مستحق مثل المعطوف عليه وجعل نفسه كالنائب عن المتكلم، والعدول من صيغة الأمر للمبالغة في الثبوت ومراعاة الأدب في التفادي عن صورة الأمر، وفيه من الاختصار الواقع موقعه ما يروق كل ناظر، قلت: ومن هذا القبيل قوله تعالى {قال ومن كفر} بعد قوله {وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر} (٢: ١٢٦) فإنه يصح التقدير: وارزق من كفر بصيغة الأمر، فالطلب بمعني الخبر على عكس {ومن ذريتي} وفائدة العدول تعليم تعميم دعاء الرزق وأن لا يحجر في طلب اللطف، أو التقدير وأرزق من كفر، بصيغة المتكلم، وقال الآلوسي: ولك أن تجعل العطف على محذوف أي ارزق من آمن ومن كفر (قال: اللهم ارحم المحلقين) تنبيهًا على أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكتف على المحلقين أولاً لعدم الالتفات إلى المقصرين بل دعي لهم قصدًا وكرر الدعاء لهم خاصة لإظهار فضيلة التحليق (قالوا: والمقصرين يا رسول الله) تأكيد لاستدعاء الرحمة للمقصرين. قال القاري: هل هو قول المحلقين أو المقصرين أو قولهما جميعًا؟ احتمالات ثلاث، أظهرها بعض الكل من النوعين (قال: والمقصرين) قال الحافظ: فيه إعطاء المعطوف حكم المعطوف عليه ولو تخلل بينهما السكوت بلا عذر ثم هو هكذا في معظم الروايات عن مالك الدعاء للمحلقين مرتين، وعطف المقصرين عليهم في المرة الثالثة، وانفرد يحيى بن بكير دون رواة الموطأ بإعادة ذلك ثلاث مرات، نبه عليه ابن عبد البر في التقصي وأغفله في التمهيد، بل قال فيه: إنهم لم يختلفوا على مالك في ذلك، وقد راجعت أهل سماعي من موطأ يحيى بن بكير فوجدته كما قال في التقصي. وفي رواية الليث عن نافع عند مسلم وعلقها البخاري ((رحم الله المحلقين مرة أو مرتين، قالوا: والمقصرين، قال ((والمقصرين)) والشك فيه من الليث وإلا فأكثرهم موافق لما رواه مالك، ولمسلم أيضًا وعلقه البخاري من رواية عبيد الله – بالتصغير – العمري عن نافع، قال في الرابعة ((والمقصرين)) ولمسلم من

<<  <  ج: ص:  >  >>