- صلى الله عليه وسلم - المرأة في حج أو عمرة، وقال: هي مثلة. وهو الذي رواه ابن حبيب وإن لم نعرف له إسنادًا صحيحًا إلا أنه من قول العلماء، وهو الصحيح، لأنه مثلة لأنه حلاق غير معتاد كحلاق الرجل لحيته وشاربه – انتهى. قال الخرقي: والمرأة تقصر من شعرها مقدار الأنملة، قال ابن قدامة: الأنملة رأس الإصبع من المفصل الأعلى. قال: وكان أحمد يقول: تقصر من كل قرن قدر الأنملة وهو قول ابن عمر والشافعي وإسحاق وأبي ثور، وقال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن المرأة تقصر من كل رأسها؟ قال: نعم تجمع شعرها إلى مقدم رأسها ثم تأخذ من أطراف شعرها قدر أنملة – انتهى. وقال مالك: في المرأة إذا قصرت تأخذ قدر الأنملة أو فوقه بقليل أو دونه بقليل وليست كالرجل في أنه يجزه جزًا كذا في طرح التثريب للولي العراقي. وقال الشنقيطي: اعلم أن محل كون الحلق أفضل من التقصير إنما هو بالنسبة إلى الرجال خاصة، وأما النساء فليس عليهن حق وإنما عليهن التقصير، والصواب عندنا وجوب تقصير المرأة جميع رأسها ويكفيها قدر الأنملة لأنه يصدق عليه أنه تقصير من غير منافاة لظواهر النصوص، ولأن شعر المرأة من جمالها وحلقه مثلة، وتقصيره جدًا إلى قرب أصول الشعر نقص في جمالها، وقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النساء لا حلق عليهن وإنما عليهن التقصير، ثم ذكر حديث ابن عباس الآتي برواية أبي داود والبزار والدارقطني، ثم قال ويعتضد عدم حلق النساء رؤوسهن بخمسة أمور غير ما ذكرنا، الأول: الإجماع على عدم حلقهن في الحج ولو كان الحلق يجوز لهن لشرع في الحج، الثاني: أحاديث جاءت بنهي النساء عن الحلق، الثالث: أنه ليس من عملنا ومن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد، الرابع: أنه تشبه بالرجال، وهو حرام، الخامس: أنه مثلة، والمثلة لا تجوز، أما الإجماع فقد قال النووي في شرح النهذب: قال ابن المنذر: أجمعوا على أن لا حلق على النساء وإنما عليهن التقصير، ويكره لهن الحلق لأنه بدعة في حقهن، وفيه مثلة، واختلفوا في قدر ما تقصره، فقال ابن عمر والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور: تقصر من كل قرن مثل الأنملة. وقال قتادة: تقصر الثلث أو الربع، وقالت حفصة بنت سيرين: إن كانت عجوزًا من القواعد أخذت نحو الربع، وإن كانت شابة فلتقلل، وقال مالك: تأخذ من جميع قرونها أقل جزء ولا يجوز من بعض القرون – انتهى. وتراه نقل عن ابن المنذر الإجماع على أن النساء لا حلق عليهن في الحج ولو كان الحلق يجوز لهن لأمرن به في الحج، لأن الحلق نسك على التحقيق كما تقدم إيضاحه، وأما الأحاديث الواردة في ذلك فقد قال الزيلعي في نصب الراية (ج ٣: ص ٩٥) : في نهي النساء عن الحلق أحاديث، منها ما رواه الترمذي في الحج والنسائي في الزينة، فذكره وهو الذي نحن في شرحه، ثم قال: حديث آخر أخرجه البزار في مسنده فذكره من رواية عائشة مرفوعًا بلفظ حديث علي
مع الكلام عليه ثم قال: حديث آخر رواه البزار في مسنده أيضًا فذكره من رواية عثمان باللفظ المتقدم. قال الشنقيطي: وهذه الروايات التي ذكرنا في نهي المرأة عن حلق رأسها عن علي وعثمان وعائشة يعضد بعضها بعضًا كما تعتضد بما تقدم (يعني حديث ابن عباس في أن على النساء التقصير لا الحلق) وبما