للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................................

ــ

الشيخين وابن الجارود ((يخطب يوم النحر)) وفي رواية محمد بن أبي حفصة عن الزهري عند مسلم وأحمد ((أتاه رجل يوم النحر وهو واقف عند الجمرة)) قال عياض: جمع بعضهم بين هذه الروايات بأنه موقف واحد على أن معنى خطب أي علم الناس، لا أنها من خطب الحج المشروعة، قال: ويحتمل أن يكون ذلك في موطنين: أحدهما على راحلته عند الجمرة ولم يقل في هذا ((خطب)) وإنما فيه ((وقف وسئل)) والثاني يوم النحر بعد صلاة الظهر، وذلك وقت الخطبة المشروعة من خطب الحج يعلم الإمام الناس ما بقي عليهم من مناسكهم. قال النووي: هذا الاحتمال الثاني هو الصواب، قال الحافظ: فإن قيل: لا منافاة بين هذا الذي صوبه وبين الذي قبله فإنه ليس في شيء من طريق الحديثين حديث عبد الله بن عباس (الآتي بعد ذلك) وحديث عبد الله بن عمرو بيان الوقت الذي خطب فيه من النهار، قلت: نعم لم يقع التصريح بذلك لكن في رواية ابن عباس (عند البخاري) إن بعض السائلين قال: رميت بعد ما أمسيت، وهذا يدل على أن هذه القصة كانت بعد الزوال لأن المساء يطلق على ما بعد الزوال وكأن السائل علم أن السنة للحاج أن يرمي الجمرة أول ما يقدم ضحى، فلما أخرها إلى بعد الزوال سأل عن ذلك، على أن حديث عبد الله بن عمرو من مخرج واحد لا يعرف له طريق إلا طريق الزهري، عن عيسى عنه، والاختلاف من أصحاب الزهري، وغايته أن بعضهم ذكر ما لم يذكر الآخر واجتمع من مرويهم ورواية ابن عباس أن ذلك كان يوم النحر بعد الزوال وهو على راحلته يخطب عند الجمرة، وإذا تقرر أن ذلك كان بعد الزوال يوم النحر تعين أنها الخطبة التي شرعت لتعليم بقية المناسك، فليس قوله ((خطب)) مجازًا عن مجرد التعليم بل حقيقة، ولا يلزم من وقوفه عند الجمرة أن يكون حينئذ رماها، ففي حديث ابن عمر عند البخاري في آخر باب الخطبة أيام منى: أنه - صلى الله عليه وسلم - وقف يوم النحر بين الجمرات فذكر خطبته فلعل ذلك وقع بعد أن أفاض ورجع إلى منى – انتهى. قلت: ولا يشكل عليه ما في حديث عبد الله بن عمرو أنه وقف بمنى للناس يسألونه، بناء على أن المتبادر منه أن وقوفه كان لتعليم الناس وسؤالهم لا للخطبة فإنه لا منافاة بين الأمرين، فكان أصل وقوفه للخطبة وكان وقت سؤال أيضًا فسأله في ذلك الوقت السائل عما فاته من حجه وعما أدرك وعما قدم وأخر، وسأله قوم عن المستقبل فعلمهم دينهم وأفتى وأجاب عن مسائلهم، وذكر ابن حزم في صفة حجة الوداع أن هذه الأسئلة عن التقديم والتأخير كانت بعد عوده إلى منى من إفاضته يوم النحر – انتهى. نعم يشكل على ما قال الحافظ من كون الخطبة يوم النحر بعد الزوال ما وقع في رواية رافع بن عمرو المزني الآتي في الفصل الثاني من باب خطبة يوم النحر بلفظ ((رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحى)) – الحديث. فإنها تدل على أن هذه الخطبة كانت وقت الضحى من يوم النحر (يعني قبل طواف الإفاضة) ومشى على ذلك ابن القيم في الهدي ولم أقف على دليل صريح من الأحاديث في كون هذه الخطبة بعد الظهر بمنى بعد طواف الإفاضة كما ذهب إليه القائلون بمشروعية الخطبة يوم النحر،

<<  <  ج: ص:  >  >>