للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يسألونه، فجاءه رجل فقال: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح. فقال: " اذبح ولا حرج ".

ــ

ويمكن أن يجاب عن ذلك بالحمل على التعدد كما تقدم عن عياض أنه حكاه احتمالاً. وقال المحب الطبري بعد ذكر قول ابن حزم المتقدم، قلت: ويحتمل أن الأسئلة تكررت قبله أي قبل الزوال وبعده وفي الليل، والله أعلم (يسألونه) هو في محل النصب على الحال من الضمير الذي في وقف أو من الناس أي وقف لهم حال كونهم سائلين عنه، أو هو استئناف بيانًا لسبب الوقوف، ويؤيد الأخير رواية وقف على راحلته فطفق ناس يسألونه)) وفي رواية ((وقف في حجة الوداع فجعلوا يسألونه)) (فجاءه) عطف على قوله وقف (رجل) قال الحافظ: لم أعرف اسم هذا السائل ولا الذي بعده في قوله: فجاء آخر، والظاهر أن الصحابي لم يسم أحدًا لكثرة من سأل إذ ذاك، وقال في موضع آخر: لم أقف على اسم هذا السائل بعد البحث الشديد ولا على اسم أحد ممن سأل في هذه القصة وكانوا جماعة، لكن في حديث أسامة بن شريك عند الطحاوي وغيره ((كان الأعراب يسألونه)) فكان هذا هو السبب في عدم ضبط أسماءهم – انتهى. ويدل على كون السائلين جماعة متفرقين اختلاف أسألتهم عن التقدم والتأخير كما سيأتي بيانها (لم أشعر) بضم العين من باب نصر أي لم أفطن، يقال شعرت بالشيء شعورًا إذا فطنت له، قيل: وعلى هذا يكون مؤدى الاعتذار النسيان، قال الباجي: يحتمل أن يريد به نسيت فقدمت الحلاق – انتهى، وقيل الشعور العلم وعلى هذا المعنى لم أعلم المسألة قبل هذا، ويؤيده لفظ يونس عند مسلم ((لم أشعر أن الرمي قبل النحر فنحرت قبل أن أرمي، وقال آخر: لم أشعر أن النحر قبل الحلق فحلقت قبل أن أنحر)) فبين يونس متعلق الشعور أي العلم ولم يفصحه مالك في روايته، وإلى الاحتمالين معًا أشار البخاري في صحيحه إذ ترجم على حديث ابن عباس ((باب إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلاً)) قال العيني: فإن قلت: قيد في الترجمة كونه ناسيًا أو جاهلاً وليس في الحديث ذلك، قلت: جاء في حديث عبد الله بن عمرو ذلك وهو قوله: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح – الحديث. فإن عدم الشعور أعم من أن يكون يجهل أو نسيان، فكأنه أشار إلى ذلك لأن أصل الحديث واحد وإن كان المخرج متعددًا – انتهى. وبالاحتمالين معًا فسره القاري حيث قال: لم أشعر أي ما عرفت تقديم بعض المناسك وتأخيرها فيكون جاهلاً لقرب وجوب الحج أو فعلت ما ذكرت من غير شعور لكثرة الاشتغال فيكون مخطئًا (فحلقت) أي شعر رأسي (قبل أن أذبح) أي الهدي وفي رواية ((قبل أن أنحر)) والفاء سببية جعل الحلق مسببًا عن عدم الشعور كأنه يعتذر لتقصيره (اذبح) وفي رواية ((أنحر)) أي الآن (ولا حرج) أي لا ضيق عليك، ثم من قال: بعدم الفدية بمخالفة الترتيب في وظائف يوم النحر حمل نفي الحرج على نفي الإثم والفدية معًا، قال عياض: قوله ((اذبح ولا حرج)) ليس أمرًا بالإعادة وإنما هو إباحة لما فعل لأنه سأل عن أمر فرغ منه، فالمعنى افعل متى شئت، ونفي الحرج بين في رفع الفدية عن العامد والساهي وفي رفع الإثم عن الساهي، وأما العامد فالأصل أن تارك السنة عمدًا لا يأثم إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>